من أراد أن يكون عظيماً فيكم فليكن لكم خادماً – المطران بولس (بندلي)

mjoa Wednesday October 28, 2015 148

من أراد أن يكون عظيماً فيكم فليكن لكم خادماً – المطران بولس (بندلي)
أيها الأحباء،
انها لعظمة جديدة تُكشف لنا في كلام السيد لتلاميذه، انها عظمة الخدمة في الوقت الذي أخذ تلميذاه يعقوب ويوحنا يسرعان في الطلب ليسبقا بقية التلاميذ فيحتكرا الجلوس عن يمين الرب يسوع في مركزين مرموقين وبدت ردة فعل بقية التلاميذ في الغضب عليهما في حين أن السيد كان قد استهل كلامه في انجيل هذا النهار -الأحد الخامس من صومنا الأربعيني المقدس-  استهله بالكلام عن تسليمه الى رؤساء الكهنة والكتبة منهم الى الأمم والهزء به والبصاق المقذوف في وجهه وجلده وقتله في نهاية المطاف مضيفاً ما هو أهم من كل ذلك كونه تتويج ما سبق معطيه المعنى الأخير في القيامة الثلاثية الأيام،

ولكن هل كان تلاميذ الرب المتحيرون لسماع ذلك والتابعون الرب بخوف(مرقس32:10)، هل كانوا قادرين أن يستوعبوا ما كانوا يستمعون اليه وكانت قد تشوهت ادراكاتهم ككل اليهود الذين أصبحوا يطلبون من مسيّا المنتظر مُلكاً بشرياً في الوقت الذي كان هو يؤكد لهم أن مملكته ليست كما كانوا يتصورون وبالتالي ليست من هذا العالم وكونه كذلك فلا يمكن لملكه أن يزول كما تزول ممالك هذا العالم المحدودة الفانية.
ولكن لهذه المقومات أسس لكي تتحقق ولكي يثبت المُلك الى النهاية هناك صليب مغروس في أرضنا ليجعل خلاصاً في وسطها -هناك سيادة المصلوب، رب المجد كما هو مكتوب كعنوان في أعلى الصليب، انها سيادة من لا يطلب لنفسه سيادة، انها سيادة الخدمة وبذل النفس عن الآخرين -ألم يقل السيد نفسه انه لم يأت ليُخدم بل ليَخدم وليبذل نفسه عن الآخرين.
أية سيادة نطلب ونحن نتابع مسيرة صومنا المبارك؟ هل نطلب سيادة البطش بالاخوة لكي نسبقهم الى مراكز عالية ورفيعة ونتطلع بهم من اعلى عرش أرضي، مزدرين بهم؟ أم نختار السيادة الصامتة التي همها وهاجسها خدمة الآخرين؟ وهي السيادة الحقيقية اذ أنها سيادة احتضان الاخوة بأحشاء رأفة الهنا. ولكنها سيادة تصلبنا مع المسيح الحي فينا فنتطلع باخوتنا لكي ننظر صورة الله فيهم فنبدّل أنفسنا من أجلهم مع السيد الرب الذي أتى ليَخدم لا ليُخدم وليبذل نفسه فداءً عن كثيرين؟ هل نحن مستعدون لهذا البذل فنكون حقيقة بقرب من يقول لنا عندئذ: الأماكن معدة من أبي للجلوس عن يميني وعن يساري ودون استثناء أو محاباة وجوه لكل الذين يخدمونني في الاخوة، فيصطبغون بدماء شهادة حية يقدمونها مع صليبي ويشربون كأس معاملة الأخ المرة بحد ذاتها بل الكثيرة المرارة والتي أحلّيها بدمي المسفوك من أجل البشر.
هذه العظمة اتانا بها الحمل القدوس الجالس على العرش وهذه السيادة منحنا اياها السيد الرب المصلوب من أجلنا. فهل نقبل “عظمة” الاشتراك بدم الحمل الذبيح وهل نقبل أن نُمات النهار كله لكي نحيا مع الهنا المصلوب الناهض من بين الأموات فيجلسنا معه على العرش الحقيقي حيث نمكلك معه وننال اكليل المجد الذي لا يذبل. الا جعلنا الله أهلاً له. آمين.
مطران عكار وتوابعها
+بولس
نشرة البشارة
العدد 13 – في 31 آذار 1996
الأحد الخامس من الصوم
أحد مريم المصريَّة

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share