“ كونوا رجالاً -تقووا “ – المطران بولس (بندلي)
كلمة الراعي
في افتتاحية مجلة البركة والعطاء
(التي تصدرها المدرسة الوطنية الأرثوذكسية في عكار)
“ كونوا رجالاً -تقووا “
سنة ثالثة تنقضي بنعمة الله على مجلتكم!
عدد ثالث تكلمكم مدرستكم به وأنتم تكلموننا بواسطته!
الحوار قائم بينكم وبين العالم أجمع فتباركت كلمة الله الحية فيكم لتنقلوا الحياة للناس الرازحين تحت كابوس الموت!
ولذا خاطبنا الكتاب العزيز طالباً أن نكون رجالاً وأن نتقوى!
ان نكون رجالاً والمفهوم هنا ان الرجل ليس ذاك الذي يثبت رجولته ببطش يسحق الآخرين به، بل الرجل، بكل ما للكلمة من معنى هو ذاك يلتفت الى نفسه والى الآخرين ليرى صورة الله فيه وفي كل انسان، صورة حية يسعى أن تكون شفافة لكي ينساب نور الاله الحي -النور من النور- الى نفوس الناس التي ترزح تحت وطأة ظلمة هذا الدهر، فتجد فيه الحياة التي لا تشيخ والنور الذي لا يغرب أبداً.
-أيها الأحباء، لكي تكونوا رجالاً كما يُطلب منكم فعليكم أن تتقووا والقوة التي تُذكر هنا ليست قوة هذا العالم الزائل انها قوة أخرى يعتبرها العالم حولكم ضعفاً ولكنها بحد ذاتها قوة الانتصار على الموت.
لا تختاروا الحلول السهلة المطلوب منكم “أن تتقووا” بقوة لا يستطيع العالم وشهوة العالم أن يقاومها فيكم. أنتم أقوياء اذا اتكلتم على الله فتظهر فيكم قوة من قال لنا جميعاً: “ان قوتي في الضعف تكمل”.
أيها الأحباء نقرأ في الكتاب المقدس في الرسالة الأولى الى أهل تسالونيكي (12:5): “نطلب اليكم أيها الاخوة ان تكرموا الذين يتعبون بينكم ويرعونكم في الرب ويرشدونكم” ان كنتم تصبحون رجالاً فتتقوون بنعمة الله فهذه القوة تلفتكم دون شك الى من يتعب بينكم ويرعاكم.
الى مدير هذه المدرسة المهندس نضال طعمة الذي يسهر ليلاً نهاراً سهر الذي يحسب نفسه منتصباً أمام الله لكي يعطي حساباً عن الوزنات التي أمَّنه الله عليها فطوبى للمخلص الحبيب في اداء خدمته لنا رجاء كبير أن الله يباركه بركة سماوية.
كما نشكر رؤساء أقسام مدرستكم الذين بتعبهم الدؤوب وأفكارهم النيّرة يحاولون أن يدبروا شؤونكم بصبر متكل على الله لذلك لن يخيب.
نشكر هيئتكم الثقافية العاملة بكل صمت، فيتعبون من أجلكم كما تشهد أعمالهم، يعملون دون حساب لكي تنغرس كلمة الله في حياتكم، فيمتلئون قوة ليست في تعامل القاموس البشري.
نشكر معلميكم وهم أيضاً من الذين لا تدخل حسابات هذا العالم في تعاملهم، فيعملون مرددين دائماً اتكالنا على الله، على ذاك الذي تسجد له الملائكة والذي وضع حولنا من نُؤتمن عليهم وأنتم يا غرساتنا وُضِعتُم حولنا لكي نسقيكم بدموع عرقنا فتنبتون بقوة الله الذي ينمي ويعطي للزارع والحاصد أن يفرحا معاً.
نشكر كل من يتعب في مدرستكم ليؤهلها مكاناً لائقاً بكم فيفرح أولئك الجنود المجهولون بكل ما يجعلكم تتقدمون.
نشكر أهلكم ولجنتهم الكريمة الساهرة عليكم أنتم فلذات أكبادهم وهم يضحون من أجلكم بكل غال ورخيص ولا يوازي أتعابهم الاّ نجاحكم فيفرحون بكم ويتقوى رجاؤهم.
نشكر محسناً كبيراً بل أباً غيوراً على أبنائه عنيت به المحسن الكبير الأستاذ عصام فارس الذي في كل وقت بل في كل زمان ومكان يبذل من أمواله لكي يحيي المشاريع الحيوية ويساعد بعطاء لا يعرف التعب ولا الملل أن تتابع مدرستكم عملها بنعمة الله -فبوركت يداه وتقدست حياته وحياة عائلته وكافأه الله على بناء القسم الثانوي الذي قدمه لمدرستكم بل على كل حجر في مؤسستكم وفي كل مؤسسة في لبناننا يسهر عليها سهر الأب فتنمو لمجد الله القدوس وكما قال السيد الرب: هكذا فليضئ نوركم قدام الناس ليروا أعمالكم الصالحة ويمجدوا أباكم الذي في السماء، فإليه والى مؤسسته الساهرة على تحقيق ما يصبو اليه قلبه الكبير كل محبتنا وأدعيتنا.
أيها الأحباء، ندعو لكم أن تتابعوا المسيرة!
أنتم نساء ورجال بلدنا! أنتم دعمه الحي، فكونوا رجالاً وتقووا بنعمة الله. آمين.
مطران عكار وتوابعها
+بولس
نشرة البشارة
العدد 27 – في 7 تمـّـــوز 1996
الأحد الخامس بعد العنصرة