“ الأم مدرسة ايمان ” – المطران بولس (بندلي)
في الأول من آب عيدت الكنيسة المقدسة لأم شهيدة ماتت عن ايمانها بعد أن مات بنوها السبعة أمامها -ليس الأمر سهلاً أن ترى الأم التي أعطت الحياة، أبناءها يفقدون الحياة وهي تشجعهم أن يقبلوا بالموت من أجل ايمانهم. والطاغي الذي فقد كل انسانيته الذي كان يطلب من أم ان تنكر ايمان آبائها وأجدادها وأمام رفضها ورفض أبنائها، أمر بوحشية لا مثيل لها أن يقتل فلذات كبدها أمام عينيها ابتداء من البكر الى أن وصل الدور الى الطفل المحمول في حضنها، فرفعت يدها الى السماء وعوض أن تثنيه عن الموت، أخذت تشجعه مشيرة الى السماء من حيث يأتي عونها والى حيث انتقل اخوته ملحّة عليه ان يسلك الطريق المؤدية الى نور الرب القدوس.
أم تتغلب بنعمة الله على ضعفها الأنثوي لكي تلقّن ايماناً حياً يقود الى الموت، ولكنه الموت الذي نعبر منه الى الحياة الأبدية!
أم لا تكتفي بأن تعطي أبناءها الحياة المحدودة الزائلة بل تشير بيدها الى أبنائها الى حيث يعطى الانسان اكليل المجد الذي لا يزول والحياة الى الأبد في المسيح يسوع الهنا!
أم ترضع أبناءها ايماناً حياً فاعلاً بالمحبة المنتصرة على الموت! والحب أقوى من الموت! فتدخل هي بدورها موتاً محيياً اذ أنه اشتراك في موت المسيح وقيامته فتعبر من الموت الى الحياة لتلتقي بمن أحبتهم فأرشدتهم الى الحياة الخالدة، فتجمعها بهم نعمة الرب القدوس الذي به نحيا ونتحرك.
نحن في فترة نستعد فيها لاستقبال عيد رقاد أم الهنا، الأم التي بتواضعها ارتفعت فرفعت معها الجنس البشري بأسره، التي قالت “نعم” لمشيئة الله الخلاصية فحل في أحشائها الكلمة الذي قبل الدهور.
هذه البتول والأم معاً هي التي انتقلت من الموت الى الحياة فجعلتنا نرتقي في “ابنها الالهي” الى الحياة الأبدية التي لا تشيخ والى النور الذي لا يغرب أبداً.
أمهاتنا مسؤولات عن الايمان ويجدن في العذراء الكلية القداسة نموذجاً حياً لقيادة أولادهن الى الحياة، سيتعلمن من ام المكابيين التي عيّدنا لها في الأول من آب أن يقدمن أولادهن بيد متجهة نحو السماء الى الايمان الحقيقي الذي يجعلنا ننتصر على موت الأحقاد في عالمنا فنتصالح في ابن العذراء المصلوب من أجلنا لكي يجعل لنا جسراً ناقلاً الى الحياة.
أهّل الله كل أم الى هذا الجهاد وبارك حياة الأبناء الأحباء وجعلنا جميعنا نتلقن القداسة في مدرسة الأم الشاهدة بأن الله يعطي قوة ليست مأمونة في هذا العالم لكل الذين يحبونه. آمين.
مطران عكار وتوابعها
+ بولس
نشرة البشارة
العدد 31 – في 04 آب 1996
الأحـــد التاسع بعد العنصرة