“ اختيار متيا ” – المطران بولس (بندلي)
أيها الأحباء،
في اليوم التاسع من هذا الشهر عيدت الكنيسة المقدسة لقديس هو أحد الاثني عشر رسولاً وهو متيا أو متياس كما يسميه البعض ونقرأ عن كيفية انتقائه في الاصحاح الأول من سفر أعمال الرسل من الآية 15 الى الآية 26.
الانتقاء هذا حدث بعد صعود الرب يسوع المسيح الى السماء اذ رجع الرسل الى أورشليم من الجبل الذي يقال له جبل الزيتون واجتمعوا في بيت عال أي في علِّيَّة وكانوا “يواظبون” كلهم على الصلاة بقلب واحد ومعهم العذراء الكلية القداسة مريم أم الرب يسوع وبعض النساء وعدد المجتمعين كلهم أصبح يناهز المائة والعشرين شخصاً كما ورد في سفر اعمال الرسل الاصحاح الأول الآية 12 الى 15.
ونلاحظ أن الرسول بطرس عرض على الآخرين الموضوع المتعلق بيهوذا الاسخريوطي الذي سلم الرب يسوع بثمن ثلاثين من الفضة وكيف مات وكيف هكذا خرج من صف الرسل فطرح نفسه خارجاً مع الدراهم التي اقتناها، فأكد بطرس ما جاء في المزامير.
أولاً: ان خدمته يجب أن يأخذها آخر.
ثانياً: وان هذا الآخر مدعو ان يكون شاهداً مع بقية الرسل على قيامة الرب يسوع المسيح.
فالكلمة التي قالها الرب يسوع لتلاميذه مباشرة قبل صعوده الى السماء طالباً منهم فيها ان يكونوا شهوداً له في اورشليم والسامرة والى أقاصي الأرض هذه “كلمة” لم تُحصر فقط بالتلاميذ المختارين في الدفعة الأولى بل تعدَّنها إلى ذاك الذي سيدعى أن يأخذ مكان يهوذا الاسخريوطي في خدمة كلمة الله، بل ستشمل هذه الكلمة أي الشهادة للرب يسوع كل الذين عبر الأجيال سيدعون الى خدمة كلمته -فالشرط الأساسي الذي يجب أن يتممه الرسول هو أن يكون مستعداً لأداء شهادته بأن “المسيح قد قام حقاً”.
وكان الرسول بطرس قد أشار أن هنالك أشخاصاً “رافقوا” الرسل طوال المدة التي قضاها الرب يسوع بينهم أي بين الرسل.
هذه “المرافقة” التي يلفت اليها الرسول بطرس الآخرين ومن معهم مهمة جداً لأن الله يخاطب كل واحد وهو ضمن الجماعة المؤمنة ولذلك عرض الرسول الموضوع على المؤمنين مجتمعين.
ونلاحظ، في سياق الاختيار للرسول الذي سيأخذ مكان يهوذا الاسخريوطي، انه وجد “اثنان” من بين المجتمعين يتممان الشرط الأساسي الذي تكلم عنه الرسول بطرس وهو ام من سيُنتقى مرافقاً لبقية الرسل في الفترة التي امتدت بين معمودية الرب يسوع على يد يوحنا المعمدان ويوم صعوده الى السماء ليكون شاهداً مع الآخر لقيامة السيد -فأمام اثنين يتممان الشرط الموضوع والمعبّر عنه من بطرس الرسول، أمام هذين الاسمين وللاختيار بينهما فما كان للرسل الاّ ان “صلوا” طالبين الى سيد الكنيسة وينبوع الخدمة فيها ان يظهر لهم من هو بين الاثنين الذي يجب ان يختاروه وهكذا وضعوا الاختيار الذي كان مطلوباً منه برعاية الرب يسوع الذي يعرف القلب والكلى، الذي يفحص أعماق كل انسان بحكمته الفائقة، فقال الرب كلمته الفاصلة، هو وحده قالها عند طلب الرسل، فكان اختيار متيا الذي انضم هكذا الى الرسل الاحد عشر فاكتمل مصف الرسل القديسين الأطهار الذين بتوسلاتهم نضرع الى الرب يسوع ان يقيمنا خداماً أمناء لكنيسته المفتداة التي لا تعرف سواه. آمين.
مطران عكار وتوابعها
+ بولس
نشرة البشارة
العدد 32 – في 11 آب 1996
الأحـــد العاشر بعد العنصرة