دعـــاء – المطران بولس (بندلي)
أيُّها الربُّ القدّوس خالق السماء والأرض،
أيُّها الملك السماوي الذي له الأرض كلها، الدنيا والساكنين فيها،
أيُّها الإله اطَّلع علينا برحمتك العظيمة ورأفاتك العزيزة،
بلدنا الذي فيه أرزك يسألك من أجله فارحمه وارحم سكّانه… إنَّ مساحته تزيد قليلاً على العشرة آلاف كيلومتراً مربعاً، إنَّها مساحة قليلة جداً إن قيست بمساحات البلاد الواسعة الشاسعة ومع ذلك لنا ثقة أنَّ عينَك الساهرة تنظر إلى رقعة صغيرة جداً على أرضنا وتهتمُّ بسكّانها الذين يكاد عددهم يختفي أمام الأعداد الأخرى المؤلفة بل أن نجرؤ أن نقول بأنَّ عنايتك تشمل الجميع افرادياً وفي محبَّتك لا يختفي أي إنسان وبهذا نثق يا رب أنَّك لا تنسى أحداً منّا وأنَّ عينيك الساهرة علينا لا تنام.
– الناس كثيراً ما يجرَّبون بفكرة “قوة القوي” ولكنَّك في تحنُّن تجسُّدك أردت أن تصبح أضعف ضعفاء أرضنا لكي تعلن أنَّ ضعف الله أقوى من أيَّة قوة للناس ولذلك لا نخشى القويَّ لأنَّ رحمتك تظلِّلنا وتوقينا شرَّه.
– يا رب إنَّ أبناء بلدنا يختارون هذه الأيّام ممثِّليهم في السلطة التشريعية فيه فألهم الجميع الاختيار الحسن لكي يُساس وطننا بحكمة وفهم فيقوده حكّامه إلى المرفأ الأمين.
يا رب بارك حكّامنا وساعدهم أن يحقِّقوا ما أنت تلهمهم به، قوِّ أذرعتهم لكي يرفعوا كلَّ ثقل عن شعب مرَّت عليه الأهوال فكان شجاعاً في تمسُّكه ببلده مفضِّلاً الشّقاء فيع على كلِّ غنى خارجي فتشبَّث بأرضه وبقي متمسِّكاً في رجاء نرجو أن تكون أنت سنداً وأساساً له.
أبعد عن أبناء بلدنا اليأس والقنوط.
بارك عائلاتنا، وحِّدها في محبَّتك، بارك أطفالنا في نموِّهم، بارك شبابنا في طموحه، بارك رجالنا ونساءنا في سعيِهم أن يعدّوا لبلدنا جيلاً بل أجيالاً يحبّونهم حتى المغامرة في البقاء فيه مع كلِّ جاذبية الخارج وآماله البرّاقة الخدّاعة.
نسألك يا رب أن تبارك جميع الذين يسهرون على حياتنا وأمننا. بارك الذين يضحّون براحتهم لكي يؤمنوا لنا السلاك والطمأنينة. أدخل يا رب بنعمتك إلى كلِّ بيت من بيوتنا وارحم سكّانه وقوِّهم في محبَّة بلدهم.
يا رب لقد قلت في تجسُّدك أنَّك لم تأتِ لتُخدَمَ بل لتخدِم ولتبذلَ نفسك فداء عن كثيرين -نودِعُكَ بلدنا وحكّامَه وشعبه- ألهِم من يُناط بالخدمة العامَّة أن يبقى ساهراً عليها كمن يطلب منه أن يعطي حساباً “لك” فتكافئه قائلاً: كنت أميناً في القليل – أجعلك أميناً على الكثير – أدخل فرح ربِّك وخذ الجائزة العلوية المعدَّة للذين يخدمون بإخلاص وتفان ويرعون من ائتُمنوا عليهم رعاية صالحة. وأمّا شعبك فأعطِه، يا رب أن يعيش في ظلِّ أمن حكّامه بكلِّ لياقة وتهذيب ساعياً أن يعتبر كل فرد منه مسؤولاً عن ازدهار وخدمة بلده، ساعياً أن يقدم مساهمته في بناء الوطن بكلِّ أخلاص.
يا ربنا إنَّنا ندعو اسمك، فليتمجَّد في بلدنا وفينا، الآن وكل آن، آمين.
مطران عكار وتوابعها
+ بولس
نشرة البشارة
العدد 34 – في 25 آب 1996
الأحـــد الثاني عشر بعد العنصرة