“ اللاهوت والمحبة ” – المطران بولس (بندلي)
هذا هو الشاهد لهذه الأمور والكاتب لها ونعلم أن شهادته حق(يوحنا24:21).
أيها الأحباء،
لقد عيّدت الكنيسة المقدسة يوم السادس والعشرين من هذا الشهر لانتقال القديس الرسول يوحنا اللاهوتي، هذا الرسول الأمين للرب الذي ندعوه “الحبيب” والذي يقدمه لنا الانجيل المقدس متكئاً على صدر الرب في العشاء السري والذي عندما يحدثنا عن نفسه في انجيله يقدم نفسه ليس باسمه الخاص ولكن بأنه ذاك “الذي يحبه يسوع”.
اللاهوتي هو الذي “يحب” -ولأن يوحنا الانجيلي أحب، كان قادراً أن يحلّق كالنسر في أجواء اللاهوت لأن اللاهوت ليس علماً بالمعنى الاعتيادي من الكلمة، اللاهوت يُعاش في المحبة ومن لا يستطيع أن يحب لا يستطيع أن يفهم السر الخفي منذ الدهور وغير المعلوم عند الملائكة ولكنه ظهر لنا بتحنن الله العظيم، الله المحب للبشر والذي نستطيع أن نحبه لأنه أحبنا أولاً.
فالذي يريد أن يقترب الى الله فيكشف له ما أخفي عن الحكماء والفهماء وكشفها للأطفال بالروح الذين وحدهم قادرين أن يحبوا بلا غش ولا رياء هم بالتالي قادرون أن ينظروا مع يوحنا الحبيب الواقف بأمانة عند أقدام صليب ربنا لكي يتأمل ملياً بتدبير الهي يفوق كل تصوّر، بذل فيه الله نفسه فداء عن “أحبائه” لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية”. ولكن اللاهوتي، اذ يفهم أنه ينبغي له أن يحب الله لا يستطيع أن يحيا هذا الحب الاّ اذا اختبره في حب الانسان أخيه ومن يقرأ الكلمة الالهية يفهم أن هذا الأخ هو كل انسان دون استثناء وأن من لا يستطيع أن يحب أخاه لا يقدر أبداً أن يحب الله اذ كما يقول يوحنا نفسه: كيف يستطيع الانسان أن يحب الله الذي لا يراه ولا يحب الانسان الموضوع من الله على طريقه لكي يكون، كما يقول لاهوتيونا: “نافذة يطل منها على الله”.
هذا هو ما نقله الينا التلميذ اللاهوتي الحبيب وهو شاهد لهذه الأمور كلها ونعرف كما يقول الكتاب ان شهادته حق -فلنتمسّك بها أيها الأحباء لكي نرتقي بالمحبة الأخوية الى ذاك الاله الذي لا يستطيع البشر أن يفكروا به، فقطع المسافات الشاسعة وأتانا فادياً ومحسناً ومخلصاً لكيما اذا كانت حياتنا ملتصقة به ندرك فيه عمق تحنن الله نحو البشر فنكون بدورنا شهوداً أمناء له بالمحبة التي أحبنا اياها أولاً -أهلنا الله أن نحياها دائماً. آمين.
مطران عكار وتوابعها
+بولس
نشرة البشارة
العدد 39 – في 29 أيلول 1996
الأحـــد السابع عشر بعد العنصرة