ميلاد المسيح- المطران بولس (بندلي)
هلموا يا مؤمنون ننظر أين وُلد المسيح!
هذه الدعوة توجَّه الينا جميعاً نحن الذين نؤمن بالمولود الالهي، فإيماننا به ليس ايماناً نظرياً وكأننا نؤمن بإله لا نعرف أين هو وبالتالي لا نستطيع أن نصل اليه!
المسيح الاله أتى الينا،
ذاك الذي لا يمكن أن يراه أحد افتقدنا بحضوره،
من هو جالس على العرش في السماء تنازل أن يتحرك نحونا وتقبّل أن يوضع في مذود للبهائم،
الرب الضابط الكل ارتضى بتحننه العظيم أن يُضبط بين يدي البتول وشارك في ضعف الطفولة،
الذي هو ساكن في الأعالي أتت فتاة عذراء تحمله الى مساكت أرضنا وما وجدت مسكناً يُفتح له فلجأت به الى مغارة،
هذا هو الاله الذي قبل الدهور والذي وُلد من أجلنا طفلاً جديداً، فهل نحن مستعدون أن ننظر اليه؟
لننتبه أيها الأحباء من الجواب السطحي عن هذا السؤال! ربما كلنا نردد: هل هو معقول ألاّ أتحرك نحو من أتى اليّ! هذه عاطفة مباركة ولكنها لا تستطيع أن تبقى سطحية في حياتنا والاّ عرّضنا أن يموت فينا كل اندفاع حقيقي نحو الذي أتى الينا فنعبر عنه دون أن نراه فعلاً فنتوه في سعي مخلصٍ دون شك، لكنه غير مجد اذ أنه لا يمكنه أن يرينا ايّاه!
أيها الأحباء، هناك ارادة ليست من هذا العالم في ان “نأتي” لكي ننظر،
هناك جهد يخالف مقوماتنا البشرية لكي “نتعرّف” على من لم ينسانا أبداً،
هناك بَشَرٌ جَمَعَنا بهم من صار شبيهاً بنا وبهم لكي لا ينسوا ولا ننسى الصورة الالهية البهية التي خلقنا جميعاً على أساسها؟
اذا سعينا نحو أولئك الذين نسوا أنهم بشر بسبب قساوة قلوبناوبسبب آلام هذا الدهر ولم ننتظر في كثير من الأحيان أن يأتوا هم الينا كما نتوهم بل التزمناهم نحن وأتينا اليهم كما التزمنا السيد وأتى الينا متحركاً من علياء سمائه لكي يجمع ظلمة أرضنا بنوره الأزلي، حينئذ نستطيع أن نقول للرب ها نحن بين يديك يا ضابط الكل فادخل قلوبنا يا من تنازلت من عرشك وارتضِ أن تلد “فينا” لكي نمجدك يا من هو جالس على العرش المسبّح الى الأبد مع الآب والروح القدس. آمين.
أيها الأحباء نتقدم مع غبطة امام أحبارنا الكلي الطهر والجزيل الاحترام البطريرك اغناطيوس الرابع وسيادة الاخوين الحبيبين يوحنا (الحصن) وباسيليوس (طرطوس) العاملين معنا في أبرشية عكار المحفوظة بالله، وسائر اخوتنا رؤساء كهنة الكرسي الانطاكي المقدس وكهنة هذه الأبرشية الأجلاّء وشمامستها الورعين بالتهاني القلبية لكم ولعائلاتكم والمختصين بكم سائلين الطفل الالهي أن يلد حقيقة في قلوبكم ويبارك أعمالكم وحياتكم بنعمته الالهية ومحبته للبشر الآن وفي كل آن والى دهر الداهرين.
مطران عكار وتوابعها
+ بولس
العدد 52 – في 29 كانون الأول 1996
الأحـــد بعد الميلاد