السنة الجديدة – المطران جورج (خضر )
السنة الـ٢٠١٦ لن تصير جديدة إذا لم تصنعها أنت جديدة برحمة الله عليك وطاعتك إياه. الأحداث هي إياها فيها البؤس وفيها الفرح. وإذا أنت تقبلتها بإيمان هي تجددك. السنة هذه إذا أقبلت تجدد فيك الخير إذا شئته أو تبقيك على عتاقتك. الجدة ليست في الأحداث. انها تتشابه. الجدة في قلبك إذا قبلت ان يترك الخطيئة. انها العتاقة. لا تخف عند تقادم الزمان عليك فهو يؤتيك بالخير أحيانا أي بنعمة الله. تنزل هذه إذا شئتها.
مسيرتك فيها حياة لك من الله إذا قبلته وان لم تقبل فيها سقوط. لا تقف الحياة ولكن لك ان تجعلها موجهة إلى الله ولك ان تتركها بلا إله. ربك يجيء إذا دعوته وسنتك ليست جديدة بتقادم أيامها ولكن تصبح جديدة ان دعوت ربك إليها. الأحداث أحداث على بهائها أو على قبحها. حول كل حدث في حياتك لقاء مع ربك ليكون لحياتك مضمون. والا اجتررت الأيام فتشابهت بما فيها من حزن وفرح. ليس المهم هذا أو ذاك. الأهمية ان تطيع ربك لتحيا.
إذًا ليس من جديد الا القلب الجديد. كثيرًا ما كان للناس سرور سطحي أي بصحتهم أو بأولادهم أو بما يكسبون. قلبك جديد إذا دعوت الله إلى سكناه. إذا ليس من سنة جديدة الا إذا صار قلبك جديدا. وهذا يصير بالتوبة لأنها هي الجديد في القلب البشري.
غالبًا ما تحزن في السنة المقبلة إذا خسرت مالاً أو صحة أو جاهًا. وان أردت ان تحيا في البر تفرح ما دام فيك. وإذا فهمت مرة في اختبار عميق ان البر حياتك تعيش مع الله. السنة جديدة تكون إذا قبلت ان يتجدد قلبك بالبر والطهارة. غير ذلك من الدنيا.
إذا أنت لك ان تصبح جديدًا أو ان تبقى عتيقًا. ليس لك بر الا الذي ينزل عليك وهو دائما ينزل إذا طلبته من الله أي إذا قصدت ان تحيا مع الله وحده ولا تشرك به أحدا أو شيئا. في الحقيقة ليس من سنة جديدة. قلبك يتجدد بالله أو لا يتجدد. والقلب خارجا عن الله مجرد عضلة. إذا لا تسع إلى الله خارجًا عن قلبك. السماء في قلبك وخارجا عنه لا تراها. جدد قلبك أي دعه دائما يتجدد بالرب. إذ ذاك تراه نازلاً من عنده. إذ ذاك لا تهمك أيام جديدة ولا تنتظر الأحداث. تشتاق فقط إلى قلب لك جديد وهذا يكون كذلك فقط إذا الله سكنه.
لك ان تتشبه بالصالحين لترى الله في قلبك. وهذا يعني منك توبة حقيقية أي رجوعًا كيانيًا إلى الرب بحيث لا تعرف الا وجهه. إذا أحسست ان وجها يأخذك عن الرب غادره حتى تعود الطهارة إليك. الوجوه التي لا تعكس بهاء ربك اتركها. انها مضلة.
اعتزل الذين لا يحبون الله وان اقتضت مصالحك ان تلتقيهم. لا تجعل في قلبك الا محبي الله واغفر للخطأة حتى يتوبوا إليه. اخش الخطأة الكبار يؤذوك. لك ان ترشدهم وليس لك ان تعاشرهم. عزلتك بعضا مفيدة لتوبتك. لا تحس نفسك كبيرًا أو قويًا. في هذا خطر. في التوبة ترى دائما نفسك صغيرا.
هذه السنة املأها بالتوبة. ليس فيها شيء آخر. فكر الله ان تكون له في كل يوم فلا ترجئ التوبة إلى الغد. قد لا يأتيك غد. «يكفي كل يوم شره». إذًا كل يوم خذ نصيحة الكتاب الإلهي تعش بها يومك. وقبل نومك استودع الله نفسك فقد لا تستيقظ. لا تؤجل مواجهة الله فقد لا ترى لك غدا «استيقظ أيها النائم فيضيء لك المسيح». ليس لك من سنة جديدة الا إذا كان ربك مالئها. أفهم انك ان لم تكن له لست بشيء. صر إذًا له.
جريدة النهار
31 كانون الأول 2015