وُلد أفستاتيوس في سيدا البمفيليّة، ونشأ على التمسّك بالإيمان القويم. وقد جمَع إلى حياة الفضيلة العِلم الغزير وحُسن البيان وغيرة شديدة على نقاوة الإيمان. اختير أسقفًا لحلب، فبرَزَ كراعٍ ولاهوتيّ كبير. دحض هرطقة جماعة عُرفت بالملكيصادقيّة ادّعت أنّ ملك ساليم أعظم من المسيح وهو إيّاه الروح القدس. عام 324 م، أراده الأساقفة والشعب أن يكون خلَفًا للقدّيس فيلوغونوس أسقف أنطاكية، وأمام إصرارهم رضخ للأمر. وانعقد المجمع النيقاويّ علم 325 م وكان أفستاتيوس أحدَ أبرز وجوهه، ودورُه في دحض الآريوسيّة كان كبيرًا، ممّا جعلهم يحقدون عليه ويتآمرون ليتخلّصوا منه.
عاد إلى أنطاكية وسعى إلى لمّ شملها وحرص في شأن تنقية الإكليروس والحؤول دون وصول المشتبه بهم إلى سدّة الرعاية. وفي عام 327 م، دعا أفسافيوس القيصريّ الآريوسيّ الحيّال، وهو تابع لأنطاكية، إلى اجتماع أسقفيّ لمعالجة مسائل داخلية. حضر أفستاتيوس وآخرون لكنّ الأكثرية كانت آريوسيّة. في اللّقاء وجّه الآريوسيون، وفقًا لسيناريو معدّ سلفًا اتّهامًا لأفستاتيوس بالفساد وطالبوا بإقالته. حاول رجل الله أن يدافع عن نفسه، أمام امرأة اتّهمته بالزّنى وأنّها تحمل طفلًا ادّعت أنّها حبِلت به من أفستاتيوس. إزاء هذه المؤامرة بدا رجل الله مغلوبًا على أمره. وصدَرَ أمر بإقالته. وبلغ قسطنطين الملك قرار المجتمعين، فأبدى ارتياحه ونفى أفستاتيوس إلى ترايانوبوليس، ثمّ إلى فيليبي حيث رقد. وبعد فوات الأوان اعترفت المرأة المفترية بتلقّيها رشوة مقابل افترائها على رجل الله، وأنّ طفلها هو من أفستاتيوس النحّاس، وليس مِن رجل الله.
ورَدَ أنّ قدّيسنا جمَع شعبه قبل خروجه إلى المنفى وحثّه على التمسّك بالإيمان القويم. وقد كان لشخصه ووصيّته أيّما تأثير على فريق من أهل أنطاكية حتّى أنّه بقي في وجدانهم رمزًا أوحد لاستقامة الرّأي في المدينة فتصلّبوا سنين طوالًا.
طروبارية القدّيس أفستاتيوس
يا إله آبائنا الصانعَ دائمًا بحسبِ وداعتكْ لا تبعد عنّا رحمتك، بل بتوسّلاتهم دبّر بالسلامة حياتنا.