زكا العشار – المطران جورج (خضر)

mjoa Thursday January 28, 2016 377

زكا العشار – المطران جورج (خضر)

قبل ان يقرب يسوع من أورشليم في مطافه الاخير اليها، دخل أريحا وأخذ يجتازها وحوله ألوف من الناس، واذا رجل يدعى زكا وهو رئيس للعشارين غنيّ قد جاء يحاول ان يرى من هو يسوع، فلم يستطع لكثرة الزحام، لأنه كان قصير القامة. العشارون هم جباة الضريبة ويسرقون منها حتى ان كلمة عشّار كانت دائما مقترنة بابتزاز المكلّفين.

zacchaeus لماذا رغب زكا في رؤية يسوع؟ ربما كان هذا بدءًا من باب الفضول. ربما انجذب اليه لدافع آخر. لا يذكر الكتاب انه أراد حوارًا مع السيد. ولكن لكونه كان قصير القامة صعد على جميزة ليراه. أراد زكا ان يرفع الحاجز الذي كان يحول دون رؤيته المعلّم. لا بد انه سمع ان يسوع انما كان يخالط العشارين والخطأة ما يعني انه كان يخالف توجيهات الفريسيين. وكان هؤلاء يعيّرون التلاميذ ان سيدهم يؤاكل الجُباة الخطائين.

فلما وصل يسوع الى ذلك المكان، رفع طرفه وقال للرجل: «يا زكا انزل على عجل، فيجب عليّ ان أُقيم اليوم في بيتك». هذه هي المرّة الوحيدة التي يتجاوز فيها يسوع الاختلاط في الشارع بالعشّارين ليقيم مع هذا العشار بالذات صلة أوثق فيتخطّى قوانين الفريسيين. «يجب أن أُقيم في بيتك»: في هذا تصميم على الخلاص، مبادرة في الخلاص.

السيد يقول: «انزل على عجل»، يقول الإنجيل: «نزل على عجل وقبله فرحًا». لماذا لبّى بلا تردد؟ هل هي الضيافة الشرقية؟ هل أَحسّ بأن ثمة ما كان أعظم من مجرد كلام لإنسان يدعو نفسه – اذا صح التعبير- عند رجل غريب؟ تذمّر الفريسيون من كون يسوع ذهب ليبيت عند رجل خاطئ. يرفض يسوع ان يفهم البر على انه انفصال أو تمايُز أو استعلاء. يعرف سببًا للاتصال حتى المعاشرة.

التقى الرجلان عند أسفل الجميزة، فقال زكا للرب: «يا رب، ها إني أُعطي الفقراء نصف اموالي، وإذا كنت قد ظلمتُ أحدا شيئًا، أردّ اليه أربعة اضعاف». حدث زلزال في نفس الجابي. اهتزت نفس زكا من المقابلة بين البر الكامل والخطيئة المستفحلة. انتهى فجأة زمان السقوط وامّحت السقطة وصار زكا خليقة جديدة. الرجعة رجعة الى وجه الله نفسه من خلال المعلّم. عندنا تخطئة للماضي كله، شجاعة اعتراف. الرجل يبذل نصف امواله وكان قد عاش في البذخ. موقف لا يقيم حسابا للمستقبل، لمستوى إنفاق كان قد اعتاده وموقف اعتراف بأنه قد ظلم. يردّ على كل مظلوم ظلَمَه أربعة اضعاف. ماذا يبقى من هذه الثروة؟ ماذا يضمن لزكا وعائلة زكا سنوات قد تكون طويلة.

لقد انتقل الرجل الى وجود آخر، الى حياة جديدة بالكلية لا تقيم حسابا لشيء من دنيانا، إذذاك قال يسوع فيه: «اليوم حصل الخلاص لهذا البيت»، فالنجاة ليس فيها مراحل، تنقضّ على التائب كالصاعقة لكونها عملية خلقٍ جديدٍ الخالقُ هو فيها كل شيء.

وبعدما قيل هذا في الرجل، قال المخلّص عنه: «هو ايضًا ابنُ إبراهيم» بمعنى انه صار الآن، بالإيمان المستعاد، ابنًا لأبي المؤمنين.

جاورجيوس مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان)

نشرة رعيتي

31 كانون الثاني 2016

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share