مقابلة مع رئيس دير سيمونوبترا وزيارته طرابلس
في 27 شباط 2016، استقبلت مطرانية طرابلس والكورة وتوابعهما للروم الارثوذكس رئيس دير القديس سمعان الصخرة المعروف بدير سيمونوبترا جبل آثوس قدس الأرشمنديت أليشع حيث أقيم اجتماع كهنة موسع في المركز الرعائي وقبلها أقيم قداس الهي ترأسه قدسه وقد عاونه قدس الشماس سيرافيم بحضور صاحب السيادة راعي الأبرشية ولفيف من الكهنة، بعد الاجتماع واختتاما لذلك النهار أخذت صورة تذكارية تخليدا للحدث وبعدها غذاء رسمي دعي الجميع اليه الجميع. كما وعند الخامسة قام بلقاء عام في قاعة الظهور الالهي.
مقابلة مع الأرشمندريت أليشع (رئيس دير سيمونوبترا) حول مدى قدرة الكنيسة على جذب الناس إليها – الجبل المقدّس
انحدار الله نحو الإنسان وارتفاع الإنسان إلى الله الأرشمندريت أليشع (رئيس دير السيمونوبترا، الجبل المقدّس)
سؤال: أحد الأسئلة التي تشغل كثيراً أبناء الكنيسة، في مجتمعنا والعالم أجمع، الراغبين في أن يعيشوا حياة روحية أصيلة، هو مدى قدرة الكنيسة على جذب الناس إليها.
إذ خلال العقود الثلاثة الماضية، تغيّرت ظروف الحياة بشكل متسارع، سواءً على الصعيد العملي أو الفكري. فهل من طريقة لجذب الناس إلى الكنيسة أو الرهبنة، أم أن ذلك صعب ؟ سيّما في وقتنا الحالي حيث أن هذه التغييرات الجذرية لها تأثير كبير ليس فقط على المجتمع ككل وإنما على مستوى كلّ شخص فيه.
جواب: لطالما كان هذا الأمر صعباً كما يظهر في التاريخ. إذا عدنا إلى المصادر التاريخية أو إلى أي حقبة زمنية أخرى سنجد أن هذه المشكلة كانت موجودة دوماً. طبعاً، لا يمكن للمرء أن يقلب التطور أو أن يزيله، كما لا يمكنه أن يوقف الرغبة بالمعرفة واكتساب وسائط جديدة لخدمة الإنسان. بكلمة أخرى، لا يمكننا أن نرجع للوراء، بل علينا أن نسير قدماً. بالتالي، يجب أن ننظر إلى هذا التطور من منظور آخر، أن نعتبره ظاهرة إيجابية في مجتمعنا.
الكنيسة، بالطبع، ستستخدم بعض الوسائط الحديثة لاجتذاب العالم. على سبيل المثال، يجب أن نتساءل ككنيسة: أين نجمع الناس؟ كيف نتكلّم معهم؟ بأيّة لغة؟ ماذا سنستخدم من صور وأمثلة؟ حتى المسيح تكلّم مستخدماً الأمثلة، هناك حيث شاهد الحقول، الحيوانات، الناس، الفقر، الإعاقة، العجز والمرض. بالتأكيد نملك العديد من الوسائل المعاصرة التي يمكن أن نستخدمها، لكن ذلك لا يشكّل جوهر عودة الناس إلى الكنيسة أو انجذابهم إليها. يعود الإنسان إلى الكنيسة حين يملك الرغبة بمعرفة ذاته. المسألة لا تكمن في جمع أتباع للرهبنة أو للكنيسة، إنما هل يملك الإنسان هذه الرغبة في معرفة ذاته!
قد يكون للكنيسة بنية مؤسساتية، لكنّ ذلك ليس جوهرها. الكنيسة هي جسد المسيح السرّي، الذي يدعو الإنسان إلى معرفة الحقيقة. هل يملك الإنسان بداخله هذه الرغبة لمعرفة الحقيقة؟ هذا هو الأمر الذي تستطيع الكنيسة أن تقدّمه، وهو تماماً ما يمكن تلخيصه بنقطتين ألا وهما: الحياة و الغلبة على الموت. إذا كان الإنسان مهتماً بهذين الأمرين، فلن يحتاج لشيء آخر، لأن هذا هو الجوهر.
تفشل الكنيسة حين تحاول أن تصبح منظمة عالمية، ولطالما فشلت عندما أرادت أن تفرض نفسها في العالم وأن تُظهر ذاتها كمنظمة ديناميكية. الكنيسة هي أيقونة الدهر الآتي، وهذا أمر لن يتغير. بكلام آخر، الكنيسة تخبرنا بما يحدث خارج هذا العالم وليس ما يحصل فيه الآن. ما يحدث في هذا العالم يعرفه الجميع أفضل بكثير مما تعرفه الكنيسة أو مما نعرفه نحن. أما نحن فنقدر أن نقول: “هل تريدون أن نكشف لكم ما يحدث خارج هذا العالم؟ سوف نخبركم به”. ما هي الرهبنة؟ هي منارة تُرشد الجميع وتعلن لهم أنَّ “النور موجود، انظروا إليه، هذا هو النور”. ما هو هذا النور؟ إنه نور شركة الإنسان مع الله، أن نتعلّم كيف نتواصل معه و كيف سنتّحد به، وما الوسيلة لنفهمه ونتذوّقه!
عندما تتكلم الكنيسة بطريقة حقيقية عن هذه الأمور، حينها ستشاهدون الكنائس ممتلئة بالمؤمنين. طبعاً سنستخدم بعض الوسائط في سبيل ذلك، لكنّ هذا ليس كل شيء.
ليست هي قليلةٌ المرات التي فشل فيها استخدام هذه الوسائط، وهذا ماحدث مع بعض الكنائس. لم تنجح لأنها لا تتكلم عن الأخرويات. نحن نركّز على كيفية ارتفاع الإنسان نحو الله وعن انحدار الله باتجاه الإنسان. طبعاً نتناول موضوع الحياة الحاضرة و كيف سنجعلها أفضل، كيف يمكن للإنسان أن يشعر بالهدوء والراحة والملء في حياته وسط هذا العالم، لكن بالوقت عينه، ننادي: “لا تخافوا من الموت”، يجب أن يتصالح الإنسان مع الموت، فالموت هو مجرد انتقال. هذه الأمور لا تتغير في الكنيسة، وعندما نتكلّم عنها بطريقة أصيلة وناجمة عن خبرة، لا مجرد ترداد كلمات فارغة، عندها بالتأكيد ستجذب الكنيسة الناس، لكن عن أي أشخاص نتكلم؟ فقط عن أولئك الذين يريدون!