بِنعمة الربّ، وضِمن سِلسلة الأحاديث الروحيّة التي ينظِمها مجلس رعية الميناء وحركة الشبيبة الأرثوذكسية لِزمن الصوم الأربعيني المُقدّس، تمّ اللِقاء الثالث مع مسؤول إذاعة السلام الأرثوذكسية الأخ جورج رزق، الذي ألقى حديثاً تحت عنوان : ” وتكونون لي شهودًا: شهادة العائلة المسيحيّة في عالم اليوم “، وذلك مساء الثلاثاء الواقع في 2016/04/12 بعد صلاة النوم الكبرى، في كنيسة النبي إيليّاس بِمُشاركة قدس الأرشمندريت يوحنا بطش، قدس الإيكونوموس مخائيل الدبس، وقدس الأب باسيليوس دبس، وجمع من أبناء الرعية.
بِداية، كانت كلمة ترحيبيّة مِن مُقرر لِجنة التربيّة الدينيّة والإعلام الأخ فادي واكيم حيث أعطى لمحة موجزة عن سيرة الضيف الكريم، وهو ناشط بِالعمل الكنسي وفاعل بِحركة الشبيبة والمجتمع المدني، وتميّزه بِتتلمُذِه على يد المثلث الرحمات المطران بولس بندلي مُقتدياً بِسيرته.
مِن ثم إستهل الأخ رزق اللقاء بقوله بأن الربّ يسوع وعد تلاميذه بعد قيامته مِن الأموات بِحلول الروح القدس عليهم وأنهم سيكونون شهوداً لهُ في جميع أقاصي الأرض ( أع 1 – 8 ).
وأن العائلة هي صورة عن الثالوث رالقدّوس بِحيث أن دالعلاقة الشركوية بين الآب والإبن والروح القدس على صورتها، ونحن مخلوقين على صورة الله ومِثاله، وعلى هذه الصورة علينا تجسيد علاقة المحبة والشركة بين أفراد العائلة، وأن تأهُلنا لاقتناء الروح القدس يُميزنا عن باقي المخلوقات على الأرض.
بعد هذه المُقدمة تطرّق، إلى نُقطتي ” البُعد الرُؤيوي لِلعلاقات العائليّة ” و” العائلة جسر الإيمان ” مبيناً مفهوم العائلة المسيحية إنطلاقاً مِنهما، مُستشهداً بِآياتٍ مِن الكتاب المُقدّس وأقوال لِبعض القدّيسين.
بعدها انتقل لِلحديث عن التحدّيات التي تعترض العائلة ومِنها:
– الرؤية والرِسالة والقِيَم.
– الترابُط الأُسَري الذي يتجلّى مِن خِلال الشخصية الُمستقبلية لِلطفل المنتمي للأسرة المُتكافِئة والمُتعاضِدة عكس ما يحدث مع الطفل الذي ينشأ في عائلة مُتبعثرة وغير مؤمنة، حينها يكون عديم الثقة بِنفسه مِما يؤثر سلباً على شخصيته مُستقبلاً.
– الحرية والتحفيز والإطلاق التي تقتضي ضرورة تشجيع الولد وتنمِية مواهبه وعدم الحدّ منها.
– البرمجة، وهي الأفكار والمُعتقدات التي مِن خِلالها يظهر سُلوكنا مع التركيز أن 80 ٪ مِن شخصِيّة الإنسان تتكون خلال السنوات السبعة الأولى من حياته مِمّا يلزم معه الإهتمام بِبُنية الطفل النفسيّة والجسدية في هذه المرحلة والإبتعاد عن التعنيف مع وضع ضوابط والتعاطي بحِزمٍ مع أولادنا.
وكمِثالٍ على ذلك عرض مقطع من فيلم ” the gifted hands” ترجمة أشرف الفيشاوي الذي يروي قِصّة ولدٍ استطاع بِمساعدة والدته من تخطّي الصعوبات التعليمية التي كانت تعترضه في المدرسة، مُساعدةً إياه في تنمية خياله وتحقيق أحلامه.
– إقتناء فِكر المسيح كما يقول بولس الرسول، خاصة لِناحية التواضع والطاعة كما قال القديس إغناطيوس الأنطاكي : ” عندما لا يعد العالم يراني أكون بِالحقيقة قد صرت تلميذاً لِلمسيح….” 
وهُنا أشار الأخ جورج، أنّنا في بعض الأحيان نعمد الى طمس البُعد الشراكي والحريّة في عائلاتنا بِالرغم من المحبة التي نكنّها لأولادنا.
فمحبّتُنا وتضحيتنا مِن أجلهم وإنكار ذواتنا كلها قِيم مسيحيّة علينا الإعتزاز بِها مع منح الحريّة لأولادنا بأن يكون الخِيار بِالتخطيط لِمُستقبلهم. وأن واجبنا تِجاههم يفرض علينا عيش هذه الشراكة لِلإنطلاق سويّة نحو نجاحِهم الذي نتوخاه.
وشدّد أن هذه الوصايا هي لِكل الُمؤمنين في مسارهم الشخصي لِيكونوا على مُستوى الدعوة التي دُعينا بِها هي التواضع والقناعة وطول الأناة بِاحتمال بَعضُنَا البعض المحبة ضِمن العائلة والسعي لِلحفاظ على وِحدانية الروح بِرباط السلام.
– الأمانة لِلوحدة في سرّ الزواج، عبر دعوة الرجل والمرأة لِعيش قداسة الملكوت وأن يكونان أمينين له، وحِماية الإيمان الخارج مِن المعمودية الواحدة، مُشيراً إلى مُباركة الربّ يسوع لِعرس قانا الجليل، لأنه بارك الفرح الوقتي الذي يقود الى الفرح السماوي.
– ” مِن ثِمارهم تعرفونهم”، بِمعنى أن نكون مِثالاً لأولادنا في الصلاة (مثلاً)، مع التمييز بين الوعي واللاوعي في التأثير على السلوك مُنوهاً بأن الثِّمار تظهر باِلنجاح وخِدمة الناس والحُضور في المُجتمع.
كما نوَّه الأخ جورج بأن المُبالغة في موضوع العجائب عند سرد سير القديسين لأولادنا يؤدي حصول فجوة بين طريقة تفكيره ووعيه ومسيرتِه الحياتية التي قد يستفيد منها مُستنداً لِسيرة حياة لوقا الطبيب كنموذجٍ مُثمرٍ. في مجتمعه باتكاله على الربّ، وأن علينا التكلم أمام أولادنا عن مهارات حقيقية، يمكنهم التمثُّل بِها وعيشها كي يكونوا فعلاً ثماراً في المجتمع مِن أجل خدمة وجه الربّ.
وأخيراً توقّف الأخ رزق عند العائلات المقدسة في الكنيسة الأرثوذكسية، التي علينا تكريمها والإقتداء بِها، وتقديمها كمِثال لأنها بِحسب الجسد قدّمت شهادة لِلرب.
الثالوث القدوس في وحدانيته هو صورة وِحدانية العائلة التي نريد أن نعيشها وفق الشراكة التي تحدثنا عنها.
وكمثال على العائلة الأرثوذكسية توقف الأخ جورج لِيتحدث عن القديسين كسينوفون وزوجته ماريا وولديه أركاديوس ويوحنا.
وبعد شكر الأخ جورج على حضوره وإلقائه لِمحاضرته القيّمة ، وُزِّعت على المُشاركين فواصل للكتب عليها أيقونة لِلقديسة صوفيا وبناتها كنموذج للعائلة الأرثوذكسية مع ضِيافة.
