الصعود الالهي – المطران بولس (بندلي)
“لما أتممت التدبير الذي من أجلنا وجعلت الذين على الأرض متحدين بالسماويين صعدت بمجد أيها المسيح الهنا…” (قنداق عيد الصعود الالهي).
بهذا الكلام نتوجه الى السيد الرب الذي أكد لنا بأنه “ليس أحد يصعد الى السماء الاّ الذي نزل من السماء ابن البشر الذي هو في السماء” (يوحنا13:3).
ان طريق السماء كان مغلقاً بسبب الانسان نفسه كونه تصوّر “سماء” على حجمه ولم تكن السماء الحقيقية، سماء الاله الخالق المحب والذي خلق الانسان بفيض محبته له، خلقه حراً أن يرفض السماء حيث تكتمل انسانيته حقاً بحرية أبناء الله الممنوحة له بغزارة رحمة القدوس. أغلق الانسان طريق السماء بيده ولكن الساكن في السماء لم يغلق أحشاء رحمته تجاهه فسكبها في اتجاهه ونزل اليه هو بنفسه…
لم يكن ممكناً لأحد أن يأتي الى الانسان المخلوق المميّز عن سائر الخليقة بصورة ومثال الهيين مُنحا له، الاّ الذي هو في السماء دائماً وأبداً، فنزل اليه لكي يعلن له السر الخفي الذي منذ الدهور والغير المعلوم عند الملائكة أنفسهم وفحوى هذا السر هي بأنك يا انسان أنت محبوب من خالقك ولذلك لا يقبل الهك الاّ وأن يفتقدك في منفاك الذي فرضته على نفسك ويفتح بصليبه وموته وقيامته طريق السماء أمامك فيؤكد لك هكذا ابن الانسان الجالس على الدوام عن يمين الله أنك أنت مدعو أن تجلس مع الابن الالهي عن يمين الهك المحب اياك حباً لا متناهياً، فتعود لك كرامة انسانيتك التي خُلقتَ على أساسها…
أيها الأحباء لنتأمل بالتدبير الخلاصي الذي أكده لنا النازل من السماء ولنؤكد أن السماء الحقيقية طريقها أصبح سالكاً بالذي قطع المسافة الشاسعة التي كانت تفصلنا عنها لنرتقي الى السماء سائرين مع الفادي الحبيب الذي هوالطريق والحق والحياة ولنصعد حقيقة بقلوبنا وأفكارنا وميولنا وحياتنا كلها نحو الذي أتم التدبير الذي من أجلنا والذي أكد لنا قائلاً: “أنا معكم وليس أحد عليكم” فتعال أيها الرب يسوع وامكث معنا لكي نتبعك في ارتقائك الالهي نحو الآب فنجلس معك عن يمينه ونمجدك في انسانيتنا المدعوة فيك الى كرامتها الحقيقية التي لم تتحقق الاّ بك -يا ابن الله الوحيد لقد تبنيتنا فاجعلنا فيك أبناء لله المحب البشر المبارك الى أبد الدهور. آمين.
مطران عكار وتوابعها
+ بولس
العدد 23 – في 8 حزيران 1997
أحـــد آباء المجمع المسكوني الأول