المدرسة الأم- المطران بولس (بندلي)
كلمة صاحب السيادة في افتتاحية مجلة البركة والعطاء التي تصدرها المدرسة الوطنية الأرثوذكسية
أيها الطلاب الأعزاء
ها انكم قد أمضيتم تسعة أشهر مجدداً في مدرستكم وأشرفتم الآن على نهايتها، أطلب اليكم أن تتذكروا بأنكم قضيتم فيها الفترة نفسها التي يقضيها الجنين في رحم أمه واذا ما خرج الى النور الخارجي عبر الولادة، فيكون هكذا أنتم أيضاً!
قضيتم تسعة أشهر في رحم أمكم المشتركة وهي مدرستكم! تغذيتم من لبنها وها أنتم تخرجون الى العالم. دعاؤنا الحار من أجلكم أن تكونوا قد نلتم غذاءً أخذتموه حقيقة لتغذيتكم فنموتم به وها ان مدرستكم تلدكم بالفعل وهي عالمة أنكم ستواجهون تيارات هذا العالم التي ستحاول أن تصدمكم، ولذلك هي قلقة من أجلكم ولكن الرجاء الوطيد بأنكم أصبحتم نساء ورجالاً بكل معنى الكلمة، هذا اليقين عند مديركم الحبيب ورؤساء أقسامكم الأعزاء ومعلماتكم ومعلميكم المتفانين دوماً من أجلكم، كل هؤلاء الذين قضوا الأيام المضنكة والليالي الطوال وهم يتمخضون لأجل ولادتكم للعالم، لا بد لهم الاّ أن يشتركوا بفرح تحقيق المرتجى منكم فينسون أوجاعهم وسهرهم كما تفعل تلك المرأة التي تحزن لسبب ألمها لأن ساعتها أتت فينقلب، اذا ما رأت طفلها ينمو أمامها، ويتحول حزنها الى فرح الولادة حيث يولد انسان في العالم فيتغير حينئذ كل شيء.
أيها الطلاب الأحباء جداً بالرب: دعاؤنا وصلاتنا الا تحرموا أنتم من نور الوجود الحقيقي الذي يتجاوز البعد المادي بحد ذاته لكي يحقق تثبيتاً لوجود وتتحملون الا يكون العالم قد اقتبله كتثبيت لوجود ليس له أي أساس وجود حقيقي.
اثبتوا في المحبة، فتثبتون في الله المصدر الحقيقي للوجود وحينئذ تكونون قد ثبتم أنفسكم على صخرة الايمان بالله غير المتزعزع فتنسى مدرستكم المخاض العسير الذي مرّت فيه لتلدكم كما يليق بالكرامة التي منحكم اياها خالقكم.
ادعوا لمدرستكم من صميم قلوبكم كما يدعو الأبناء لأمهم ضارعين أن يطيل الله بعمرها.
ادعوا لمديركم الأستاذ نضال طعمة العين التي لا تسمح لنفسها أن تنام أبداً.
ابتهلوا من أجل مسؤولي أقسامكم فإنهم يمهدون الأرض لكي تفعل نعمة الله فيكم.
صلوا من أجل معلماتكم ومعلميكم فإنهم يحملون مسؤولياتكم حتى درجة التعبئة الكاملة في حياتهم، تأكدوا أنهم يحملوها ليلاً نهاراً كأناس مؤتمنين عليكم ويستعدون دائماً لحساب ضمائرهم أمام الله والناس.
اضرعوا من أجل لجنة أهلكم التي تحمل دوماً هواجس رعايتكم وتشهد لسهر أهلكم، يعلم الله وحده كم يواجهون من صعوبات ولكنهم لا يجزعون من ذلك فإنهم متأكدون أن الزرع سينمو بنعمة الروح القدس الفاعل في الكنيسة المقدسة.
لا أستطيع أن أذكر وأتذكر في وجدان ضميري كل أولئك الأمناء الذين تكاد لا تغمض أجفانهم لكي تبصر عيونكم النور الحقيقي الآتي الى العالم، النور الذي مصدره الله فيمسي فيكم وفينا النور الذي لا يغرب أبداً.
ابتهالي وأدعيتي مرة أخرى من أجل كل المساهمين في تنشئتكم بشكل صحيح ونخص بالذكر عطوفة الأستاذ عصام فارس الذي لا يوفر جهداً بأي حقل كان من أجل أن تتابع مدرستكم الخطى الثابتة فتلدكم بأمان في حمى الرحمن.
اليه والى عائلته الكريمة ومؤسسته الزاهرة الساهرة كل دعاء منا ومنكم أيها الأحباء. صلاتي وتسبيحي للرب، الرب نوري ومخلصي ممن أخاف، الرب عاضد حياتي فممن أجزع.
اثبتوا أيها الأحباء فإذا ما انتهت سنوات دراستكم في مدرستكم فستخرجون الى عالم واسع ولكن اطمئناننا أن تكون خطواتكم ثابتة فتمجدون خالقكم حقاً وتصبحون تعزية وبلسماً لجميع الذين نميتم في رحمهم فتعطونهم تعزية ثابتة. آمين.
مطران عكار وتوابعها
+ بولس
العدد 28 – في 13 تموز 1997
أحـــد آباء المجمع المسكوني الرابع