استعدادنا للميلاد- المطران بولس (بندلي)
يقترب منا عيد ميلاد الرب يسوع -لقد دخلنا منذ الخامس عشر من هذا الشهر في صوم الميلاد المقدس- دخلنا في فترة مهمة جداً في حياتنا واذ طلب منا الصوم لكي نستعد به، وفي الصوم نتصرف كاناس لا يملكون شيئاً، فهذا لكي نستقبل من أصبح فقيراً من أجلنا وأخلى نفسه آخذاً صورة تواضعنا فتمسكن بالفعل. والملك الجالس على كرسي الشاروبيم تحرّك نحونا لكي يصبح في وضع اولئك الذين يتوسلون أن يستضافوا في بيت فلا يجدوا سوى مغارة بهائم يدخلونها، فتضع فيها الام البتول طفلها الالهي الذي لن يجد دفئاً الاّ في لهت البهائم بينما هو المشع لنور يخرق ظلمتنا وحرارة تلهب افئدتنا.
ليس الامر باباً من ابواب الشعر، انما هو حقيقة اكيدة تتجلى في تنازل الهنا الينا، فهل نعي قطع المسافة الشاسعة الذي يقوم به نحونا من هو غير محتاج الينا لكي ينقل الينا محبته ولكي يقول لنا: انا لا انساكم، فأتيت اليكم لكي لا تنسوني! أتيت اليكم لاؤكد لكم خلاصكم، أتيت اليكم لكي أسير معكم نحو مناهل الخلاص، أتيت اليكم لكي تصيروا لي تلاميذ فتتعلموا مني وداعتي التي ليست ضعفاً وتستمدوا مني قوة تواضعي لكي أرفعكم من الزل الذي تتعرضون له في العالم وحينئذ أعطيكم أن تحملوا نيري عليكم وهذا النير لن يجعلكم عبيداً ولكنه بالاحرى يحرركم من عبودية خطاياكم.
هذا هو الميلاد الذي نستعد لاستقباله فهل نقبل بانه لن يكون عيداً كالاعياد التي اعتدْنا نعيده في عالمنا وانه لن يكون ميلاداً نرجوه سعيداً لاحبائنا فنفكر تفكيراً عالمياً بحتاً ونستعد له سطحياً دون ان نغوص الى أعماق العيد فنجده بالحقيقة عيد ميلاد يختلف عن مفهومنا العالمي للاعياد فينقلنا من “احتفال” الى “حياة” ويصبح مناسبة لكي نولد مع المسيح لحياة جديدة يعطينا ان نحياها بنعمته.
أيها الاحباء لنستجمع قوانا فنستأهل أن نستقبل السيد ونحاول بقدر طاقتنا البشرية ان نقول له من كل قلوبنا: تعال ايها الرب يسوع وافتقد حياتنا وارحمنا وارحم العالم باسره. أهلنا يارب ان نستقبلك مولوداً من أجلنا ليس فقط في عيد ميلادك بل في كل وقت اجعلنا مستعدين ان نجدك مولوداً بيننا لكي تتجدد ولادتنا فيك انت ايها القدوس الذي يقطع المسافات اللامحدودة لكي يؤكد لنا اننا لسنا لوحدنا في ارض غربتنا هذه التي ستحولها برحمتك الغزيرة الى سماء حقيقية أهلنا أيها السيد لذلك. اجعلنا يقظين لنلتفت اليك وخاصة ونحن نقطع ميدان صومنا هذا الذي نرجو منك ان تجعله مباركاً ببركات السماء انت الممجد مع الآب والروح الى أبد الدهور. آمين.
مطران عكار وتوابعها
+ بولس
العدد 47 – في 23 تشرين الثاني 1997
ألأحــد الثالث والعشرون بعد العنصرة