يوم الشباب – المطران بولس (بندلي)
عيّدنا يوم الاثنين الماضي لعيد دخول السيد الى الهيكل وقد اختار شبابنا أن يكون هذا اليوم يومهم.
واذا تأملنا بهذا الاختيار نجد أنفسنا أمام مفارقة بين المفهوم العادي أي المفهوم البيولوجي للشباب والمفهوم الإلهي له.
ففي المفهوم البيولوجي له يُحدَّد دور “الشباب” كمرحلة من مراحل حياة الانسان تمتد بين الطفولة والكهولة مروراً بالمراهقة ويحيا الانسان سن شبابه وهو “خائف” من انتهاء مرحلة الشباب ولذلك يحاول ان يَغِبَّ منه قدر المستطاع وبأية طريقة كانت وكأنه يحاول أن يتسابق مع الزمن. الشاب عطشان الى “شيء ما” لا يستطيع أن يحدده وكأن لسان حاله “بالرغم مني” اللانهاية “تزعجني وتقلقني” يحاول أن يروي غليله، يرتمي على كل ما يظنه سبباً للملذة. يجد نفسه أمام “سراب” وهذا ما يشعر به المتوغل في صحراء يتخيل له انه أمام ماء واذا ركض اليها ليروي غليله منها فلا يجد الاّ الرمل… .
أما نظرة العالم “للشاب” فيعتبر ان مرحلة الشباب لا بدّ لها الاّ أن تنقضي ولا بد للشاب الاّ أن يكبر “فيعقل” أي أن يصبح عاقلاً يعني أن عقله المتكامل في الكهولة سوف يبسط سيطرته عاجلاً أو آجلاً، فتهدأ “وثبات” شهواته بشكل طبيعي، اليس هذا المنطق تسليماً بل أستسلاماً؟ وهل يقبل به الشباب في العمق؟
اليست شيخوخة “مبكرة” تهدُ هذا الشباب بمعناه البيولوجي؟ فيصبح الشاب معرضاً أن يُخَتْيِرْ قبل أوانه بكثير بذهنيته وطريقة تفكيره؟
مقابل هذا المفهوم الطبيعي لسن الشباب يأتي طفل الهي ابن الاربعين يوماً فيقدم لهيكل الله ليس لكي يتقدس من الهيكل كسائر الاطفال المقدّمين اليه لكن لكي يُقَدِّس الهيكل والداخلين اليه.
حُمِل على ذراعي سمعان الشيخ الصديق واذا بآفاق هذا الشيخ تتسع، وعوض قوقعة شعب منغلق على نفسه تحصل الانسانية على نور ينير وجه كل الشعوب داعياً اياها الى شباب يجدِّدُه الروح القدس الذي حَمِلَ الشيخ الى الهيكل والذي بنعمته يتجدد وجه الارض كما يقول الكتاب: “ترسل روحك فيخلقون وتجدد وجه الارض”، فاختار الشباب يومهم العالمي في عيد دخول السيد الى الهيكل لأنهم يؤمنون ان هذا الروح القدس الذي رافق الدخول الالهي الى الهيكل هو الذي يجدد شبابهم فينتقلون من المفهوم الطبيعي لسن الشباب المحدود الى الآفاق الغير المحدودة لسن شباب يجدده الروح القدس بالطفل الالهي المقدم الى هيكل الرب في الاربعين يوماً. أهلنا الرب لذلك. آمين.
مطران عكار وتوابعها
+ بولس
العدد 6 – في 8 شباط 1998
أحـــد الفريسي والعشار