رؤية الرب – المطران بولس (بندلي)
متى رأيناك يقول الناس للرب؟
فيجيبهم قائلاً: كل ما فعلتم بأحد اخوتي فبي فعلتم.
هذا ما نسمعه في انجيل هذا النهار الذي هو احد مرفع اللحم وهذا يعني أمرين:
الاول: ان رؤية الرب ممكنة على أرضنا هذه.
الثاني: ان هذه الرؤية تستطيع أن تكون مستمرة اذا انتبهنا كيف تتحقق.
ان رؤية الرب تحت متناولنا -وهذا بفضل محبته للبشر وافتقاده لهم- وها هو يقدم لنا طريق تحقيقها -فيقول لنا كيف تتم- انها تحصل فعلاً كل ما أردنا ان ننظر الى الانسان الآخر المخلوق مثلنا على صورته ومثاله، وبنوع خاص اولئك الذي تشبه بهم بالجوع والعطش والحزن والمرض والغربة أي اولئك الذين وحّدهم به عندما ضمهم الى صليبه الذي نتجه نحوه في المسيرة المباركة التي نستعد الآن يوماً بعد يوم لولوجها -ها هو يكشف لنا أمراً مهماً للغاية اننا اذا أردنا أن نلتقيه فهذا ليس بالأمر المستحيل- اننا مدعوون أن نراه اذا عرفنا أن “نقفره” حقيقة في البشر وأن نقبله “بالفعل” كما نقبله هو وليس “كعالة” علينا بل كما يقول أحد آباء كنيستنا “كنافذة” نطل بها على “وجهه” القدوس.
اذا ما وعينا ذلك في أعماق ضمائرنا نفهم حينئذ ان هذه الرؤية لن تحصل صدفة ولكننا “نجاهد” لكي نحققها، وانها لن تحدث بمناسبات يتيمة أو على الاقل نادرة بل “كل” ما سعينا لكي تتحقق، فيمكنها ان تصبح ليس حدثاً فريداً في حياتنا نتذكره فيما بعد تذكراً بل أمراً يندمج في حياتنا اليومية فنحياه بفضل نعمة الله في كل يوم.
الرب قريب للمنسحقي القلوب، نحن مدعوون أن نراه في أولئك الذين تضعهم نعمته في طريق حياتنا، كلهم دون تمييز لأنه هو الذي أتى ليحطم حواجز التصنيف الأناني الذي يحدثه ضعفنا البشري -لأنه هو الذي رُفع على الصليب لكي يضم “الجميع اليه” دون استثناء -فإذا ما أردناه وأردنا رؤيته المعزية لنا نحن مدعوون أن نفتح في كل حين حياتنا لمن قال لنا أننا نلتقي به عبرهم.
الا أهلنا الرب أن نتجاوز “أنانا” لكي نلتقي حقيقة به ونراه في الجميع. آمين.
مطران عكار وتوابعها
+ بولس
العدد 8 – في 22 شباط 1998
أحـــد مرفع اللحم