ظهور الله – المطران بولس (بندلي)
“اليوم ظهرت للمسكونة يارب ونورك قد ارتسم علينا…”.
هكذا أنشدنا يوم الخميس الماضي في السادس من هذا الشهر الأول من السنة الجديدة ومن الألفية الثالثة؛
وهذا العيد أسميناه عيد الظهور الإلهي، فكيف ظهر لنا الله، كيف أتى إلى المسكونة جمعاء، إلى البشرية بأسرها؟
فبعد أن ظهر لنا في العيد الماضي طفلاً يحتاج إلى كل شيء وهو الذي خلق كل شيء! والآن، في العيد الحالي يأخذ مرتبة عبد فيطلب من السابق يوحنا أن يضع يده فوق رأسه للدلالة على عبودية كان البشر يرزحون تحت وطأتها، وهي عبودية الخطيئة، فاتخذها لنفسه وألحَّ بذلك على المعمدان، لكي يُتِمَّ كلَّ برّ كما قال لمن سمّاه أعظم المولودين من النساء، واتمام البرِّ أراد به رفع رأس الإنسان الساقط وعتقه من قيود الخطيئة.
وطلب من يوحنا أن يسكب ماءً فوق هامته، هذا الماء الذي كان يرمز بالنسبة للمتعمدين، إلى التوبة المنقية من الآثام، أما هو، كونه البريء من الخطأة، فقبل أن يُحسَبَ بين الخطأة وأن يُسْكَبَ الماء فوق هامته لكي يؤكد انه سيُحَوِّل معمودية الماء إلى معمودية الروح القدس والنار لكي يُنَقي بيدر النفوس من كل شوائبه ويجعله حقلاً لذيذ الثمر يغتذي منه كثيرون.
هذا هو إلهنا الظاهر بوداعة كلية وبتواضع لا يحد يدفع السابق أن يصرخ نحوه متعجباً: “كيف يستضيء النور من المصباح؟ كيف يضع العبد يده على السيد” فنضيف قائلين: “قدسني والمياه” ونسجد لهذا التنازل الكبير الذي لا يوصف: “مبارك الآتي باسم الرب -الله الرب ظهر لنا”.
فيا أيها السيد الآتي الينا بصورة عبدٍ نتوسل اليك أن تؤهلنا لنسجد لك بالحقيقة أنت يا من أتيت الينا لكي ترفع رأسنا فنتمكن أن ننظر السماء مفتوحة لكي نسمع شهادة الآب قائلاً لك: “هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت” فنتفهم اننا مدعوون أن نصبح أبناء حقيقيين لأبيك الأزلي الذي أنت مبارك معه مع روحِك الكلي قدسه الذي أيد حقيقة الكلمة والذي نتوسل اليك أن ترسله إلى قلوبنا فنصرخ من أعماقه للآب السماوي: “يا أبانا الذي في السماوات نجِّنا من الشرير فنباركك من أعماق قلوبنا ونرفع لك المجد والسجود مع ابنك الظاهر للمسكونة جمعاء كي ينيرها بنوره الأزلي وروحك القدوس المساوي لكما في الكرامة والسجود والذي بحلوله فينا يجعلنا هياكلاً حية يسكنها الله الممجد فينا وفي المسكونة جمعاء إلى أبد الدهور. آمين.
العدد 2 – في 9 كانون الثاني 2000
الأحـــد بعد الظهور الالهي