“تفضيل الذل” مع “شعب الله” – المطران بولس (بندلي)

mjoa Friday September 23, 2016 163

“تفضيل الذل” مع “شعب الله” – المطران بولس (بندلي)

في الرسالة التي تُليت اليوم على مسامعنا هناك اشارة إلى شعب الله وشعب الله هذا، كما يشير بوضوح الكتاب المقدس، ليس شعباً معيناً من شعوب هذا العالم كما يزعم البعض وكأن الله صنّفهم شعباً له. الله ليس عنده محاباة للوجوه، ولذلك  يتألف “شعبه” من أناس موزعين بين كل الشعوب البشرية دون استثناء، يتألف من أولئك الذين قبلوا في صميم ضمائرهم أن الله الههم رافضين كل إله آخر أياً كان والمرددين مع المزمور الشريف ما ننشده في الأعياد السيدية: “أي إله   عظيم مثل الهنا! أنت الله الصانع العجائب وحدك”. اذاً تكون عضوية “شعب الله” متاحة لكل انسان بشكل ريب فيه البتة، انما لهذا الانتماء شروطاً وأسساً يجب أن تتحقق لكي يكون حقيقياً وراسخاً.

الشرط الأساسي هو بأن يقبل الإنسان بالله -هناك أمور كثيرة تعترض هذا القبول الوجداني بالله- لنا مثل في المقطع الانجيلي الذي رتبته الكنيسة لهذا الأحد الأول من الصوم: “فنثنائيل، عندما دعاه صديقه فيليبس الذي أتى اليه مبشراً اياه بأنه قد وجد من كانا يفتشان عنه معاً في الكتب المقدسة، في الناموس والمزامير، أي الرب يسوع المسيح، فنثنائيل هذا أخذ يسقط على السيد الرب كل ما كان حفظه من هنا وهناك، بأنه لا يمكن أن يكون من الناصرة شيء صالح، وكان بالتالي مدفوعاً أن يرفض الاله المتجسد لولا استدراك فيليبس وطلبه منه ان ياتي وينظر، فعندما أتى ونظر وسمع قول الرب يسوع كاشفاً له أنه يعرفه صميمياً قبل أن يدعوه صديقه، فحينئذ قبله “الهاً” له وبالتالي انتمى إلى شعب الله.
لكن الانتماء إلى شعب الله ليس سهلاً كونه لا يقتصر على مرة واحدة يدخل فيها الإنسان شعب الله وينتهي الأمر عند هذا الحد -ان هذا الانتماء يتطلب من الإنسان جهوداً جبارة ومستمرة كي يحافظ على انتمائه هذا. وبالتالي عليه أن يدخل ميدان الجهادات التي ذُكرت في مقطع الرسائل الذي رتبته الكنيسة المقدسة وهذه الجهادات ليست وهماً، وأهمها حتماً هو التعيير الذي يُجه إلى كل من يريد هذا الانتماء ويسعى اليه -ان كان الكتاب المقدس يذكر قائلاً “تعييرات معييريك وقعت عليّ” فإنه يكشف لمن يريد أن يكون من شعب الله أن ذلاً ينتظره ولكنه مدعو في النهاية أن يفضل بملء ارادته أن يُذل مع شعب الله على أن يكون له تمتع وقتي بالخطيئة. الا أهلنا الله لذلك بنعمته المقوية لضعفنا. آمين.      

العدد 12- في 19 آذار 2000
الأحـــد الأول من الصوم
أحد الأرثوذكسية

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share