الإنسان الكامل – المطران بولس (بندلي)
يخاطب القديس بولس أهل أفسس قائلاً لهم ولنا “إن لكل واحد منا أعطيت النعمة حسب قياس هبة المسيح” (أفسس7:4) وهذا يعني أن نعمة الله تعطى لكل إنسان دون استثناء، فلا يفكر إنسان أنه محروم منها لأن الله ليس عنده محاباة للوجوه، إنما الإنسان يستطيع أن يرفض هذه النعمة وهذا يحصل إذا لم يدعها تعمل فيه. وهذه النعمة تعطى للإنسان ليس على قياسه الشخصي ولكن على قياس هبة المسيح الذي يعطي النعمة المخلصة مجاناً. وليس لأجل برٍّ عمله الإنسان ولكن بغنى محبته للبشر. فقد نزل الرب إلينا من علياء سمائه إلى أقسام الأرض السفلى (أفسس9:4) حيث الإنسان مرمي بسبب خطيئته وهمّ السيد الأوحد أن يصعد بنا إلى العلاء (أفسس8:4). والسؤال الذي نطرحه جميعاً على أنفسنا: هل نقبل نعمته وهل نريد أن نصعد معه لكي نمتلىء من غنى رحمته؟
ويتابع بولس، رسول الأمم، قائلاً أن إلهنا المتجسد من أجل خلاص البشر أجمعين، قد أعطى البشر المواهب المختلفة -ان كل عطية صالحة وكل موهبة كاملة هي من لدن أبي الأنوار (يعقوب17:1) والله يعطي المواهب دون حساب. المواهب المعطاة مختلفة لكي تتكامل -ان الرب أعطى أن يكون البعض “رسلاً” يرسلون إلى اخوتهم وهم في أغلب الأحيان كخراف بين ذئاب كما لم يخف عنهم مرسلهم، والبعض “أنبياء” والنبي يعلن كلمة الله دون أية مساومة، والبعض “مبشرين” لكي ينقلوا البشارة المفرحة الى أقاصي الأرض شهادة للسيد والبعض “رعاة” يسعون أن يرعوا مع كل ضعفهم البشرية لكنهم ينظروا إلى الراعي الصالح الوحيد الذي يقوي خدمتهم للخراف الناطقة التي دعي عليها اسم الحمل القدوس الذبيح من أجل خطايا العالم، والبعض “معلمين” وهمهم أن يُدخلوا إلى نفوس الأخوة وعقولهم كلمة “المعلم الإلهي” الذي وحده يستحق هذا الأسم والذي يفتح أفواه البشر الذين تجندوا لكي يكونوا شهوداً أمناء لتعليمه.
وهذه المواهب المعطاة من الله للبشر لا تعطى من أجل أية مفخرة بشرية ولكن لكي يُكَمّلْ القديسون أي البشر المؤمنون باسمه وهكذا تُكَمَّل الخدمة لبنيان جسد المسيح أي الجسد الذي نحن أعضاؤه والمتوج برأسه المسيح يسوع.
وهكذا نصل جميعاً بنعمة الله إلى وحدة في الإيمان، نصلي من أجلها بحرارة في كل خدمنا، وفي وحدة ايماننا هذه نصل إلى معرفة ابن الله معرفة حقيقية معاشة في حياتنا المتحدة به ويتحقق فينا الإنسان الكامل الذي لا يكمله إلا الله الخالق للإنسان بيسوع المسيح الإله المتجسد والذي قدم له قياس ملء قامته له الكرامة والسجود إلى الأبد. آمين.
نشرة البشارة
العدد 2 – في 14 كانون الثاني 2001
الأحـد الثلاثون بعد العنصرة