امرأتان: أليصابات وهيروديا – المطران بولس (بندلي)
تعيّد الكنيسة المقدسة يوم الأربعاء القادم الواقع فيه التاسع والعشرون من شهر آب، لقطع رأس القديس السابق للرب والصابغ له يوحنا المعمدان وبهذه المناسبة نتذكر شهادة الرب له والمؤكدة أنه “أعظم المولودين من النساء” وها نحن نتذكر امرأتين:
الأولى: أليصابات أم يوحنا التي يصفها لنا إنجيل لوقا انها بارة، فنراها تتقبل عقرها دون تذمر وعندما دخلت مريم أم الرب يسوع إلى بيتها وارتقد الجنين في بطنها وتأكدت أن رحمة الله افتقدتها فلم
يكن منها الاّ وأن قرّظت نسبيتها الداخلة اليها داعية ايّاها بإلهام الروح القدس لها مباركة بين النساء بعد أن دعتها: “أم ربها” -فأليصابات لم تفكر بنفسها، بل على مثال ابنها الذي سيقول فيما بعد: “ينبغي أن أنقص وأن يزيد هو (أي الرب يسوع)، حصرت اهتمامها بمن كانت داخلة اليها لكي تفرح معها بافتقاد الله لها -واذا ما أراد الأهل والأقارب أن يسموا مولود أليصابات باسم أبيه زكريا لكي “يخلدوا ذكر هذا الأخير، أعلنت أن الاسم الذي يجب أن يعطى له- يجب أن يتجاوز كل المعطيات البشرية الضيقة -طلب أن يدعى “يوحنا” لكي يتأكد للجميع أنه تحنن الله عليها، لأنه هكذا يقرأ اسم يوحنا انه يعني “الله تحنن”.
ومع الأسف الشديد والألم العميق هناك امرأة أخرى وهي هيروديا، المستسلمة لشهواتها التي لم ترد أن ترى في يوحنا افتقاداً من تحنن الله للبشر، فرأت فيه حاجزاً يمنعها من الوصول إلى مأربها الشرير فاستسلمت لحقدها وطلبت قطع رأسه -فقتلت انساناً ليس لعلة اقترفها ولكن لتظهر للناس كيدها ولكي ترتاح من ذاك الذي كان لباسه من وبر الابل وعلى حقويه منطقة من جلد وكان طعامه جراداً وعسلاً برياً، مما كان يجعل نمط حياته مبعداً الناس عنه ومع ذلك كانت الجموع تزحم حوله لكي تهتدي بواسطته إلى معرفة من أشار اليه قائلاً: “هذا هو حَمَل الله الرافع خطيئة العالم”.
يا للمفارقة الهائلة بين سيدتين نتكلم عنهما عندما نذكر القديس المعمدان. ما هي الطريق التي نبتغي ان نتبعها؟ هل شراسة وأنانية وحقد هيروديا أم الشجاعة المعهودة التي لأليصابات؟ فلنقل للناس أن يتخلصوا من أهوائهم مبتدئين بأنفسنا -أهلنا الرب لذلك. آمين.
نشرة البشارة
العدد 34 – في 26/8/2001
الأحـــد الثاني عشر بعد العنصرة