السرعة نحو الله – المطران بولس بندلي
كثيراً ما نقول: نحن في عصر السرعة -الأيام تركض… الرزقة تركض ونحن نركض وراءها وكأننا بهذا كله نعبّر عن شعور بخيبة أمل، اذاً اننا نركض وراء أشياء كثيرة وفي أغلب الأوقات لا نصل اليها -تكاد أعصابنا تتلف من الركض وراء أمور وأمور ولا نصل إلى غايتنا المنشودة -والأصعب في ذلك أننا في نمط حياتنا هذا لا يعود لنا “وقت” لكي نلتفت إلى الحاجة الواحدة لحياتنا أي الله.
في إنجيل هذا النهار نسمع عن زكّا العشار بل رئيس العشارين، نسمع أنه غنّى ومع ذلك لم تشبع عيناه ولم تمتلئ حياته -وعيناه اللتان لم تشبعا من أموال الدنيا التي حصل عليها، هاتان العينان أرادتا أن تريا يسوع!…
يا للغرابة بالنسبة للبشر! ولم تكتفيا بالرغبة عند زكا، بل دفعته هذه الرغبة أن يتدبر وسيلة تساعده بذلك مهما كلّفه هذا الأمر. فصعد إلى جميّزة غير مبال بالمخاطر ولا بهزء الناس المتفرجين ولم يتقدم ببطء ليحقق هدفه بل نراه “يركض” لكي يصل إلى رؤية شخص كان لا بد أن سمع عنه شيئاً…
لكن يسوع رفع نظره إلى فوق، الرب أراد أن تكون له عينان بشريتان لكي ينظر هو أيضاً… نظر إلى زكا. زكا ربما استغرب وقال في نفسه: من عرّفه أنني هنا… طبعاً زكا لم يكن قادراً أن يستوعب ذلك لأنه أمر غريب… لكن الرب ينظر إلينا إذا ما رآنا قد هممنا لننظر اليه… وناداه الرب طالباً اليه أن ينزل بسرعة كما صعد بسرعة إلى جميزته… طلب اليه أن ينزل لكي يعطيه أكثر مما كان يطلب… أراد أن يدخل إلى بيته… إلى بيت انسان خاطئ، مشهور بسرقته للناس، مشار اليه بأصابعهم.. لكن الرب يريد أن يدخل البيت لكي ينقيه من أناسه… فهل نسرع نحن نحوه لكي نقول له: تعال أيها الرب يسوع؟ تعال ولا تبطئ، أنا بحاجة إليك أن تدخل تحت سقف بيتي! حينئذ يقول الرب لنا: فتحت لي، أنا لن أستحي بك، صرت مثلك أنا الاله القادر على كل شيء، لا تخف من خطاياك لأنك أنت مدعو للخلاص الذي أتيتُ لأعطيك ايّاه بصليب سأحمل عليه خطايا العالم بأسره. فأهلنا يا رب أن نستقبلك ونؤكد لك أنك أنت وحدك الذي إذا سعينا إليك نجد فيك غايتنا. فكن معنا وكن مع عالمك اجمع أيها الرب القدوس. آمين.
نشرة البشارة
العدد 5 – في 3 شباط 2002
الأحـــد الثاني والثلاثون بعد العنصرة