العودة إلى البيت الأبوي – المطران بولس (بندلي)
“ساقوم وأرجع إلى أبي”
هذا ما قاله الابن الأصغر المتضوِّر جوعاً الذي شطر ميراث أبيه وظن انه يشبع نفسه إذا ما ابتعد عنه. ولكن ما حصل له جعله في وضع بائس للغاية اذ انه جاع وأخذ يشتهي أن يأكل من الخرنوب الذي تأكله الخنازير ولم يجد من يعطيه إياه.
أيها الأحباء،
لا يستطيع أحد أن يروي عليلنا سوى الله وحده الذي هو ينبوع الماء الحي، ولا يستطيع أحد غيره أن يشبع نفوسنا البشرية لأنه وحده هو الذي خلقها، ووحده هو الذي قال: “ماذا ينفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه” مضيفاً قولاً آخراً: “ماذا يعطي الإنسان فداء عن نفسه؟”.
ان الرب وحده هو الذي يخلص الإنسان ولذا ينبغي أن ننتبه إلى هذا الأمر الهام جداً، في وقت كثيرون يقولون لنا فيه “لا خلاص لكم بإلهكم” ويقدمون لنا آلهة عديدة بديلة عنه، نجيب قائلاً: لا أحد يستطيع أن يضع في حياتنا إلهاً آخراً، لا يستطيع أحد أن يجعلنا نترك مخلصنا، انه الوحيد الذي خلقنا وخلق العالم أجمع، انه الوحيد الذي يشبع كياننا، انه الوحيد الذي يقول: “طوبى للجياع والعطاش للبر لأنهم سيشبعون” فعنده يتجاوز الجوع حدوده المادية لكي يصبح جوعاً يشمل الكيان البشري كله، فإنه يذكر دوماً الإنسان انه ليس من الخبز وحده يحيا الإنسان لكن من كل كلمة تخرج من فم الله. فإن كلمة الله المحيية هي التي تكشف للإنسان انه انسان بكل معنى الكلمة.
أيها الأحباء، اذ نقترب يوماً بعد يوم من الصوم الأربعيني المقدس، ونحن في وسط ضعفاتنا وتجارب هذا العالم التي تحاول أن تبعدنا عن الله القدوس خالقنا وفادينا، نحن مدعوون أن نتذكر البيت الأبوي وأن نتوق اليه حقيقة من أعماق كياننا وبكل ارادتنا، نحن مدعوون أن نقول هذا القول حقيقة: سأقوم واذهب إلى أبي وأبي ينتظرني على الطريق، لا يلزمني أن آتي اليه لكنه ينتظرني بصبر ومحبة الأب أن أعود إليه لكي يضمني إلى صدره ويقول لي: أنا لا أنساك أبداً. أنت ابني، قد متَ بابتعادك عني لكنني أريدك حياً. هلم ادخل وليدخل معك جميع الذين يبتغون خلاصي، فنأكل معاً ونفرح بك وبهم. ألا أهلنا الله للدخول إلى بيته الأبوي. آمين.
نشرة البشارة
الأحد 8 شباط 2004
العدد 6
أحد الابن الشاطر