من هو الأعمى الحقيقي؟ – المطران بولس (بندلي)
هناك أعمى منذ ولادته أضحى بنعمة الله بصيراً ليس فقط بعيني الجسد بل رأينا ان بصيرته الداخلية انفتحت الى الحقيقة الالهية فأمسى هذا الأعمى منذ الولادة، الذي كان يحكم البشر عليه انه لا يمكنه ان يبصر البتة، أمسى معلِناً لنور المسيح المضيء للجميع وتحوّل الى معلم حقيقي يؤكد ان النور يضيء في الظلمة ولو لم تدركه لأنه النور الحقيقي الذي لا يغرب أبداً والآتي الى العالم بأسره لكي ينقذه من ظلامه الدامس القادر ان يهلكه في خطاياه ان لم يقبل بالاله القدوس الذي لا خلاص بدونه.
وهناك من جهة أخرى من يظن انه هو الوحيد المنفتح العينين ويقيس ذلك على فتح عيني الجسد ناسياً ان عيني الانسان الداخليتين لا يمكن ان يفتحهما سوى ذاك الذي وحده يستطيع ان يفتح أعين العميان منذ ولادتهم بسلطانه الالهي والذي يعطي لمن يؤمن به نوراً حقيقياً يخرق الانسان الى أعماقه فيتجلّى وكأنه واقف باستمرارٍ على طور ثابور ينظر الى من صعد الى جبل عال “قبل آلامه” لكي يؤكد انتصار الذين يؤمنون به على كل فساد وادران في هذا العالم -ولكن الانسان الممتلئ من نفسه، الذي يفاخر بنفسه عوض ان يفتخر بالرب، هذا لا يمكنه ان يرى تجلياً الهياً لا يمكن ان يدخل سرّه سوى أنقياء القلوب فيغمض عيني قلبه لكي “لا يرى” وبالتالي لكي لا يؤمن ونتيجة ذلك انه لا يُقبل الى ذاك الاله الوحيد القادر على شفائه ولذلك يغرق في التفاهات الوخيمة ويُسَخِّر الوصية الالهية نفسها لكي يخفي النور الذي لا يريد ان “يؤمن به” لأنه اذا آمن به يكشف خطاياه لكي يغفرها- فيُفَضِّل ان يهلك في ظلمة ابتعاده عن الله ويصبح في الحقيقة أعمى مغرور بنفسه يحاول ان يقود عمياناً آخرين، ألن تكون نتيجة ذلك أنه يقع في هوّة عظيمة ويوقع الآخرين فيها.
هذا العمى الآخر الذي نكاد لا نلتفت اليه، هذا هو بالحقيقة وجه من وجوه “الخطيئة ضد الروح القدس” التي لا تترك مجالاً للخلاص اذ يوصد الانسان كل طرق الخلاص فيتخبط في مأساة كبيرة مستمرة لا نجاة له فيها الاّ اذا اقتبل في حياته النور الالهي فينتصر بنعمة الله على ديجور الخطيئة ويغلب بذاك الذي غلب العالم بصليبه وأنوار قيامته المجيدة.
نشرة البشارة
الأحد 16 أيار 2004
العدد20
المسيح قام ! حقاً قام!