تواضع السيد – المطران بولس (بندلي)
أول أمس عيدت الكنيسة لعيد الظهور الإلهي، تذكرنا في هذا العيد العظيم تواضع السيد الذي تنازل أن يطلب المعمودية على يد عبد له يسكب المياه فوق هامته. السيد يحني هامته بعلامة الخضوع ويرتضي أن يحسب نفسه بين البشر الخاطئين الآتين الى المعمودية من يوحنا السابق. يا لعظمة تواضع السيد الآتي فيحني هامته لكي يمكننا أن نرفع رؤوسنا الى فوق، الى حيث يأتي عوننا من إله السماء والأرض.
إن خطيئة الإنسان كانت أساساً قائمة في إرادته أن يرفع رأسه بمجهود بشري كي يصل الى كرامة كان يريدها لنفسه، ولكن الجهد البشري الذي كان يحاول أن يقوم به لم يكن قادراً أن يحقق له أمنيته، فسقط في هوة البعد عن الله. أما الله الذي يشاء أن يخلص الإنسان، لم يرد أن يحول نظره عنه، بل أكثر من ذلك، تحنن عليه ونزل إليه يفتقده وحنى هامته أمام خليقته وألزمه بأن يعمده. وفي الوقت الذي لا يجرؤ يوحنا أن يعمل ما يطلبه منه سيده اذ تأمل بالمسافة الكبيرة التي اجتازها الرب نحو الإنسان، ألزمه يسوع بأن يعمده هو البريء من الخطأ لكي يؤكد له أنه حمل الله الرافع خطايا العالم –فالمياه التي سكبها المعمدان لم تكن لتطهير المعمود بل لكي تتنقى وتصبح مقدسة بحلول الروح القدس عليها بشكل حمامة شاهداً للإبن بما يقوله الآب السماوي “إنه ابنه الحبيب الذي به سرّ”. فها المسرّة التي اعلنت من جوق الملائكة عند ولادة المخلص، ها الآب يتبناها لنفسه بالابن المتنازل الى أقصى الحدود كي يخلص الانسان ويرفعه الى فوق.
أيها الأحباء، في عيد مقدس إلهي يتواضع السيد كي يرفعنا من سقطتنا نحن مدعوون أن نتقدس فيه ونحني رؤوسنا للرب الذي أتى لكي يرفع هاماتنا الى فوق، الى الجبال من حيث يأتي عوننا.
نسأل الله أن يمن علينا جميعاً بنعمته المقدسة لنا وللعالم أجمع وأن يغرق في لجة رحمته أدران هفواتنا وخطايانا. نسأله أن يقدس نفوسكم جميعاً ايها الأحباء وأن يعطيكم وإيانا نعمة التواضع الحقيقي حيث نتمكن أن نرفع رؤوسنا الى فوق وأن يبارك عائلاتكم ببركته السماية المفتقدة لضعفنا فنصرخ جميعاً إليه، اليوم ظهرت للمسكونة يا رب ونورك قد ارتسم علينا نحن الذين نسبحك بمعرفة قائلين: لقد أتيت وظهرت أيها النور الذي لا يدنى منه. آمين.
نشرة البشارة
الأحد 8 كانون الثاني 2006
العدد 2