الكلمة التي ألقاها صاحب السيادة المتروبوليت بولس بندلي راعي الأبرشية في حفل تخرج طلاب صفوف الثانوية في المدرسة الوطنية الأرثوذكسية بتاريخ 8/8/2007
حضرة العقيد الركن الطيار غسان شاهين ممثل سيادة العماد ميشال سليمان قائد الجيش راعي هذا الإحتفال.
أيها الأحباء،
باسم الإله القدوس الذي إياه نسأل أن يبارك حفلنا هذا حيث تتخرج دفعة جديدة من صبايانا وشبابنا مكللين باكاليل النجاح، بعد أن أمضوا سنوات عديدة يحصّلون خلالها العلم الصحيح كي يكونوا قادرين أن يلجوا حياتهم العملية ويبنوا مستقبلاً زاهراً بنعمة الله وبركته.
إننا نهنىء الطلاب الذين حصلوا على النتائج الباهرة، نهنىء مدير هذا الصرح التربوي الساهر على الدوام على محراث عمله والذي لا بد إلاّ وأن يفرح قلبه الكبير بكل ما يتحقق في حقل تربوي إلتزمه بكل قوته.
نهنىء مسؤولي الأقسام الدائبين على أن يكون كل أمر منتظماً، نهنىء الأساتذة الأفاضل الذين لا يألون جهداً إلاّ وأن يقدموه، نهنىء الأهالي الكرام الذين يجنون ثمار أتعابهم وتضحياتهم، شاكرين الله في كل حين على عطيته الصالحة، وموهبته الكاملة التي تأتي من لدن أبي الأنوار.
أيها الأحباء، إن إحتفالنا السنوي هذا يأخذ في هذه السنة نكهة خاصة في رعايته التي شاء قائد جيشنا الباسل العماد ميشال سليمان إلاّ وأن يستجيب طلبنا إياها، وخاصة في هذه الأيام المصيرية حيث جيشنا البطل يواجه عدواً شرساً لا يرحم مقدماً بكل إباء الشهيد تلو الآخر محققاً شعاره الثلاثي: شرف – تضحية – وفاء، فالكلمات لم تعد كلمات فقط، ولكننا نراها تتحقق، تتجسد كما فعل ربنا الذي تجسد وسار بين البشر محققاً الحب الأعظم في موته من أجل البشر وغالباً الموت بموته، لأن الحب وحده هو المنتصر على الموت والغالب له بالقيامة المجيدة المخلصة للإنسان إذ تعطيه الحياة الحقيقية التي تدوم الى الأبد.
أيها الخريجون تنتهي اليوم مرحلتكم الثانوية لتنطلقوا الى آفاق أوسع بكثير، وسمحت العناية الإلهية أن توفد إليكم من يرعى إحتفالكم ليس بكلمات طيّبة مشجعة تتردد على مسامعكم، لكن أتاكم من يخاطبكم بالشهادة الحية التي قدمها ويقدمها بإستمرار على مذبح الوطن الحبيب.
لقد قدمتم ومدرستكم وأهاليكم جهوداً مضنية لسنوات طويلة لكي تكتسبوا المبادىء العلمية وتحصلوا على شهادات مميزة، وطريقكم يبقى طويلاً وأتعاب أخرى أيضاً تنتظركم، وإن شاء الله تتكلل بالنجاح الكامل. لكن حذاري أن تنسوا بلدكم المفدّى الذي تبذل فيه هذه التضحيات الكريمة وفاءً له ولأبنائه وحفاظاً على شرفكم وكرامتكم، وشرف وكرامة كل أبنائه. لتكن هذه التضحيات دافعاً لكم لتنظروا الى علمكم كوسيلة لتخدموا هذا الوطن الجريح وأبنائه المتألمين، وهكذا يصبح تحصيلكم العلمي مدماكاً في بناء البلد الذي يحميه جيش باسل يضحي من أجله حتى الموت، وفي الروحية نفسها. وقد يُقدَم لكم إن البلد أصبح ضيقاً بأبنائه، وإنه لا يفي حاجاتهم، وإن العلم الذي سوف تحصّلونه بإذن الله لن ينفعكم كثيراً وأنتم مقيمون فيه، فتأتي فكرة الهجرة لتستهويكم، قاوموا هذه الأفكار التي تبرق أمامكم وافهموا إنكم إذا تركتم بلدكم ولو قدمت لكم كل المغريات خارجاً، كأنكم أهملتم هذه الشهادات الحية التي تبذل يومياً من أجله من قبل من يرعاكم باسم الله في إحتفالكم هذا.
ولنضرع أيها الأحباء أن يرعى الرب وطننا الحبيب وجيشنا الباسل المضحي من أجلنا، قائداً وضباطاً وأفراداً والذي نشكر رعايته لهذا الإحتفال، وليحفظه من كل شر وسوء ويشفي الجرحى ويحميه من الأعداء.
لنضرع من أجل كل من يسهر على أمن البلد وسلامته ويضحي من أجله كافة المواقع الأمنية والخدماتية المخلصة.
لنضرع من أجل وجهين حبيبين إفتقدنا الله بهما الدكتور طلال عبدالله الراسي، والشاب ميشال غصوب نعمه، اللذين قدم ذووهما منحاً لطلاب أعزاء من مدرستنا تخليداً لروحيهما الطاهرتين.
لنضرع من أجل حفظ هذه المؤسسة التربوية مديراً ورؤساء أقسام، أساتذة، طلاب، هيئات إدارية وعاملين والأهل الكرام، سائلين العزة الإلهية أن توفق خريجينا وتمهد طريق مستقبلهم وتحفظ بلدنا من كل شر، ولتحل نعمة الرب عليكم جميعاً. آمين.
نشرة البشارة
الأحد 12 آب 2007
العدد 32