العطاء المجاني – المطران بولس (بندلي)
مجاناً أخذتم! مجاناً أعطوا!
هذا القول ورد في إنجيل متى وأوصى الرب تلاميذه به وقد سمعناه في مقطع الإنجيل الذي رتبته لعيد القديسين العادمي الفضة قزما ودميانوس الذي صادف وقوعه يوم الخميس الماضي في الأول من شهر تشرين الثاني.
السؤال الأول الذي نطرحه على أنفسنا هو الآتي: ممّن أخذناً مجاناًً؟ والجواب هو الآتي: أخذنا مجاناً من الله، الذي منه كل عطية صالحة وموهبة كاملة (رسالة يعقوب الرسول الجامعة 17:1) وهو يشرق شمسه على الأشرار والصالحين ويمطر على الأبرار والظالمين (مت45:5).
وينتقل الرب من عطائه المجاني الى الطلب منّا أن نسعى أن نكون كاملين كما هو كامل (مت48:5) فيطلب منّا، وبإرادة منّا، يقويها هو بنعمته، أن نلتفت وجدانياً الى حاجات الآخرين ويقول لنا: “من سخرك ميلاً واحداً فاذهب معه إثنين. من سألك فاعطه ومن أراد أن يقترض منك فلا ترده” (مت41:5-42).
وهنا يبرز أمامنا ملحق للسؤال السابق: إذا لم يكن لديَّ ما أعطيه، فهل أستطيع إعطاء شيء لا أراه متوفراً لدي أو هل أستطيع أن أقطع عن “فمي” الشيء القليل الذي أملكه لكي أقدمه للآخرين؟
هنا نتذكر حادثة القديس النبي الياس الغيور عندما واجه الإمرأة الأرملة في صرفت صيدا، وكانت المجاعة سائدة على المنطقة كلها بسبب إنحباس المطر، فدخل عليها القديس، وطلب منها أن تعطيه من الطحين والزيت اللذين كان لديها القليل القليل منهما، وكانت عازمة أن تصنع منها رغيفاً تقتات منه هي وابنها ثم يموتان، فقال لها النبي الياس أعطني ما طلبت منك ولا تخافي، فاعطته وإذ بالطحين والزيت لا يفرغان من بيت الأرملة المعطاء.
ايها الأحباء، يقول الرسول بولس: “كأننا فقراء ونحن نغني كثيرين، كأن لا شيء لنا ونحن نملك كل شيء” فهذا الكلام يعني إننا لن نكون أرحم من إلهنا القدوس المحب للعاطي البشوش المتهلل. فلنتمسك به ونلج في طريق الرحمة المجانية التي لا تطلب عطاءً مقابلاً بل تنتظر رحمة من قال: “كونوا رحماء كما أن أباكم السماوي رحيم”. له الكرامة والسجود الى أبد الدهور. آمين.
نشرة البشارة
الأحد 4 تشرين الثاني 2007
العدد 44