“تعالوا إليَّ يا مباركي أبي” – المطران بولس (بندلي)
ما أعذب هذا الكلام الذي سمعناه في إنجيل هذا اليوم المبارك! ما أحلى دعوة يوجهها الرب الى مجموعة من البشر! إنه يدعوهم فيها أن يأتوا إليه ويسميهم مباركي أبيه السماوي. وإذا تساءلنا عن الدافع الى هذه الدعوة الخاصة والى هذه التسمية النوعية فنجده فيما قاله الرب الديان فيما بعد ذلك مباشرة، فكشف لهم السبب الواضح إذ قال لهم: “لأني جعت فأطعمتموني، عطشت فسقيتموني، عرياناً كنت فكسوتموني، مريضاً فعدتموني ومحبوساً فزرتموني” وأفهمهم هكذا إنهم أقبلوا إليه عبر البشر الذين عندما لاقوهم في الطريق إلتزموهم في جوعهم وعطشهم وعريهم وغربتهم وسجونهم، إنسكبوا فوق آلامهم فوجدوا فيهم نوافذ حيّة يطلّون منها على الرب القدوس ولذلك إستحقوا من الآب البركة وهاهم يتقدمون بخطى ثابتة نحو من يبارك حياتهم.
والآن أيها الأحباء، ألا نتشوق أن نكون في عِداد أولئك الذين سيسمعون كلام الرب يسوع: تعال إليَّ يا مبارك أبي؟ هذا الأمر ليس نظرياً ولا وهمياً، ألا نتذكر أن إلهنا المتجسد أول ما أعلن للبشر: تعالوا إليَّ يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم؟ إنه قال ذلك ولا يزال لأنه إن كانت السماء والارض تزولان فكلامه لا يزول أبداً. ولكنه في الوقت نفسه هو المنادي أن نأتي إليه وهو في الوقت نفسه الطريق، وقد علمنا كيف نأتي إليه. قال لنا: “إن كنتم تلتفتون الى إخوتكم فأنتم تلتفتون إليَّ، وإن لم تلتفتوا الى إخوتكم وأهملتموهم فأنتم أهملتموني، وكل ما تفعلونه لأحد إخوتي فأنتم تفعلونه بي، وإن سقيتم كأس ماء لأحد فأجركم لا يضيع” والأجر الذي يتكلم عنه كلام الرب ليس أجراً من هذا العالم، إنما هو أجر إلهي تعطيه البركة الإلهية فتصبحون من “مباركي أبي”.
نعم أيها الأحباء، إذ نحن نستعد أن نلج بعد اسبوع فترة الصوم المقدس المبارك، فلننتبه الى المسيرة الإلهية التي تقودنا الى يديّ الله الممدودة كي تضمنا إليه. فلنتقدم بثقة كلية من عرش النعمة الإلهية ضارعين الى الإله القدوس أن يشملنا أجمعين ببركته المنقية لأنانيتنا كي إذا تحررنا من قيودها الضيقة نفتح أيدينا كي نقبل الآخرين في حياتنا ونستحق سماع صوت الرب القائل: “تعالوا إليَّ يا مباركي أبي”، ألا أهلنا الله أن نسمعه ونحيا به. آمين.
نشرة البشارة
الأحد 2 آذار 2008
العدد 9