أصل القدّيس ياسون من طرسوس الكيليكيّة. لمّا قام اليهود في المدينة، حسَدوا الرّسول بولس ورفيقه سيلا، ولكنّهم صادفوا ياسون الذي استضاف الرّسولَين، وجرّروه أمام الولاة متّهمين إيّاه بإيواء قوم ينازعون سلطة قيصر. فأزعجوا الجميع وحكّام المدينة الذين سمعوا هذا. فأخذوا كفالة من ياسون ومن الباقين ثمّ أطلقوهم. بعد ذلك لحق ياسون بالقدّيس بولس في رحلته إلى مقدونيا وآسيا، برفقة تلاميذ آخرين بينهم سوسيباتروس، التصقا ببولس. وقد ورَدَ في التراث أنّ بولس كلّف ياسون بكنيسة طرسوس، فيما كلّف سوسيباتروس بكنيسة أيكونيوم. بعد أن ثبّت الرّسولان دعائم المسيحيّة في هاتين المدينتَين، ارتحلا إلى الغرب ليكرزا بالإنجيل. ورفعا أناشيد متواترة لتمجيد الله فاجتذبا العديد من الوثنيّين إلى الإيمان، أي إلى التسبيح القويم لله.
أقلق نجاحهما ملك الجزيرة، فاستحضرهما لإجبارهما على التضحية للآلهة، ولمّا لم يتجاوبا معه، أُلقيا في السّجن بانتظار صدور الحكم عليهما. التقيا في الحبس سبعة لصوص، وقد تمكّن الرّسولان بنعمة الله وصبرهما في الشدائد من هداية اللّصوص إلى الإيمان القويم، إضافة إلى أنطونيوس الجلّاد، هذا جذَبه الطيب والنور الإلهيّان اللّذان كانا ينبعثان من السّجن. وسأل الملك أنطونيوس الجلّاد لِما تخلّى عن دين آبائه، فأجابه برسم إشارة الصليب على الملك. فقطع الملك يدَ أنطونيوس. وأمَر بقطع رأسه خارج المدينة. وأخذ بعض الأتقياء المسيحيّين جسَدَ أنطونيوس الجلّاد ودفنوه في كنيسة القدّيس استفانوس. إذ ذاك اقترح كيركيليانوس على كلٍّ من ياسون وسوسيباتروس أن يتبارزا وأحد السّحَرة لديه. ولمّا بدأ الساحر بتلاوة شعوذاته اضطربت الحيوانات والطبيعة في الجوار. فأصابَ كلّ الحاضرين الدهش لهذه القوى الشيطانيّة ما خلا القدّيسَين الرّسولين اللّذين دعيا باسم الربّ فسقط الساحر للحال صريعًا. فاغتاظ الحاكم وأمر بإعادة الرّسولين إلى السجن. وفي الغد، أُخضعا للاستجواب أمام الوالي، وعاينت كيركرة ابنة الملك المحاكمة، وعلمت أنّ هؤلاء الرّجال يكابدون التعذيب من أجل المسيح. فهتفَت :”أنا أيضًا مسيحيّة”. وصُعق الملك لهذا المشهد. وحاول أن يُقنع ابنته بالعدول عمّا أبدَت. ولمّا رآها مصرّة هدّدها بالتعذيب والموت، فتمسّكت بالأكثر، وقامت بتوزيع ما لديها للفقراء وأخذت تستعدّ لاقتبال الشهادة. فأُلقيت بالسّجن. بناء لطلب أبيها الملك، أوفد عسكري حبشيّ ليذلها، لكنّها هدَته إلى المسيح ودعته خريستوذولوس. فقُبض عليه عندما ظهر في المدينة وأُسلم للتعذيب إلى أن قطعه الوالي إلى اثنين.