سيامة الشّماس أرسانيوس (جان) موسى كاهناً في رحبة – عكار

christiana nicolas Monday March 26, 2018 1382

ببركة ورعاية سيادة المتروبوليت باسيليوس منصور الجزيل الاحترام، أقيم  في قاعة كاتدرائية الصّليب المقدس- رحبة  قداسٌّ بمناسبة عيد بشارة والدة الإله. وخلال القدّاس وضع سيادته يده على الشّماس أرسانيوس (جان) موسى وتمّت سيامته كاهناً على مذبح الرّب.

جاء في عظته إنّ اليوم هو يومٌ عظيمٌ بالفعل، فهو عيد بشارة العذراء والبشارة هي للجنس البشريّ لأنّ هذه الطّبيعة المائتة المستهلَكة بالموت قد صارت مسكناً ومتّحدةً بما لا يوصف ولا يدرك ولا تحدّه العقول، وهو أنّ طبيعتنا قد تصالحت مع الطبيعة الإلهية أي مع الله، فأيّة بشارة أعظم من هذه البشارة على مرّ الأجيال. فلا يوجد أعظم وأبهى وأجمل من أن يعرف الانسان أنّه مدعوٌّ لتلك المكانة العظيمة التي لا تستحقّها الملائكة.


الله الكلمة لم يأخذ جسداً أو طبيعةً  من كلّ الطبائع الّتي خلقها إلاّ طبيعتنا، التي يقول عنها بولس الرّسول أنّها أخطأت بأكملها وسقطت في وهاد الشرّ والفساد، وبالرّغم من كلّ ذلك أخذها الله وجعلها له جسداً ليطهِّرها ويقدّسها بحضوره الكريم.

فحياتنا مع الله بشارةً دائمةً وشدّد على أن لا نسمح لليأس أن يعمّ نفوس النّاس، فالفرق واضح بين مؤمن مريض ومريض غير مؤمن، هذا يرى الرّجاء والأبواب مفتوحة أمامه وذاك يرى الدّنيا قد أغلقت امام عينيه ويرى أنّه إلى زوال وزوال. ذاك يعطي سعادة وتعزية لأنّه يستقي فرحًا من الملكوت المزروع في داخله، وذاك يزرع همّاً وحزناً وكأنّه يقول في ذاته اليوم أعيش، وغداً أموت.
وأكدّ أنّ بشارة الله للسيدة العذراء من الملاك جبرائيل  تَنشُر أفراحها على حياة المؤمنين مهما  ضاقت بهم السُّبل والدّروب. ويرون أنفسهم منتصرين فوق أصحاب السلطات ولا يعنون لهم شيئا فهم لم يقولوا كلامًا شاعريًّا ولا طوبأويًّا بل نقرأ في تاريخ أبائنا وشهدائنا وأجدادننا وأسلافنا ومعترفينا الذين  كانوا  حضارة، كانوا بهاءً، كانوا نهضةً ومنارةً ومثالًا لكلّ الناس حتّى لأصحاب السّلطات للحكّام والعظماء، لأن الانسان المؤمن بيسوع المسيح المتجسد يعمل في حياته على ان يجسد فرح السماء على الارض. نعم، الانسان المؤمن يقرأه النّاس، لذلك السّلام للعذراء:” إفرحي يا ممتلئة نعمةً الرّب معك، فإذا كان الله معك فمن عليك؟”  فاذا كنّا مع الله وكان الله بالنّسبة لنا حافظنا الأمين وحارسنا وحامينا، من علينا ومن يستطيع أن يكسر الفرح فينا أو يُضعف أو يطفئ ثورته فينا نحن الذين نقابل كلّ شيء بما أعدّ للذين يحملون ملكوت الله حملًا طيّبًا نقيًّا في قلوبنا وفي ذواتنا.

وفسّر أنّ الملاك جاء إلى العذراء بكلمات محدودة ورحل واختفى، وكأنّه على شاكلة يوحنّا المعمدان، يقدّم لا لنفسه بل للرّب، كان يوحنّا يقول توبوا فقد اقترب ملكوت السموات، وعلّم الناس كيف يستعدّون لملكوت السموات. نعم، ونحن أيضًا إذا أردنا أن نصبح بشارةً للناس، علينا أن نبتعد عن رأينا في الأمور وعن ما نسمع بل أن نتكلم بما تعلّمنا إيّاها كلمة الله فبعد أن لبسنا يسوع المسيح القائم من بين الاموات بمعموديّتنا لا يحقّ لنا أن نلبس لباسًا غير يسوع المسيح أو نُشرك به أحداً أو شيئاً حتى لا يحقّ لنا أن نُشرك به ذاتنا.

أوضح قائلاً انه عندما نعلّم المحبّة الّتي علّمنا إيّاها يسوع المسيح عندها سنصبح بشارة للناس، ويروا أعمالنا الحسنة فيمجّدوا أبانا الذي في السموات. هذه هي البشارة المطلوبة بالنسبة لكلّ إنسان مؤمن أن يرى ما أرسله الله لكي يعمله ويحقّقه عندئذ سيصبح الناس وكلّ الأرض وما عليها ملكوتاً سماوياً. فليس هناك أعظم من هذه البشارة وهذا المجد وعلينا أيضّا أن نَثبُت في أصلنا وفي جذورنا، وعندما نكون مع يسوع نكون المنارة والعلم، ونقول للناس كما قال بولس الرسول “اقتدوا بي كما أنا في المسيح” .

ففي التاريخ حين اقتنى المسيحيون جيوشاً وأسلحةً وأمسى عندهم ملكاً، جعلوا أنفسهم عرضةً للاضطهاد، والتاريخ شاهد على ذلك. فيسوع المسيح يعطينا قناعةً وسلوكاً محبّاً مع الناس، وإذا أردنا أن نكون مسيحيين مقنِعين للآخر، علينا أن نعرف رسالة يسوع المسيح ونطبّقها ونكون إذاً الأقوياء والشّجعان ونرى ذاتنا فوق كلّ الناس لأنّهم باقون على الأرض مع همومهم.

وتوجّه إلى الأب أرسانيوس قائلاً: “أيها الأب أرسانيوس، خلال عملك كشماس لم أسمع عنك إلّا كلّ الخير، الكلّ يشهدون لك بالغيرة على كلمة الله، وبالمحبة، وبالتالي هذه هي رسالتك في الرعيّة. وعملك مع الأبوين العزيزين يوحنّا رزق وبولس الكوسا مبارك، فالأب بولس مشهود له بالتّضحية والاخلاص بالعمل وبالتفاني وأيضا بشدّة الاحتمال والتحمّل ودائمًا لسانه في حالة شكر، وهو شريكك بالاقتداء بالأب يوحنا الّذي يشكّل مثالاً في الخدمة والغيرة والترتيب. وسلوكك في حركة الشّبيبة الأرثوذكسيّة يشهد لك، وكذلك موقعك كمعلّم في المدرسة الوطنيّة الأرثوذكسيّة. وأنت مع زوجتك أيها الأب الجديد تسلكان معًا، وتحملان بعضكما معًا، وتسلكان دروب القداسة والخوريّة ترافق الكاهن في الترتيل، في الصّلاة، في الخدمة وتساعده وتسانده لأنّ الكاهن يكون في هذا الوقت يلتفت لرعيّته ولحاجات أهل رعيّته والمحتاجين والمرضى. أهنّئ أهل رحبة بك، وأهلك، ومبارك لأهل رحبة هذا الصّرح، وكلّ عيد وانتم بالف خير.”
ومن بعدها توجّه الأب أرسانيوس بالشكر لصاحب السيادة، للآباء والكهنة الأجلّاء للفعّاليات الرّسمية والبلديّة والاختياريّة والاجتماعيّة والرّوحية وأبناء رحبة فردًا فردًا على حضورهم. وأشار أنّ يسوع هو الكاهن الأعظم على رتبة ملكي صادق وهو الذي علّم بولس الطريقة التي يُظهر بها المحبّة ليرعى الخراف فأمام هذه المهمّة الجلّة مَن يستحقّها بشرف ومن هو أهل لهذه الكرامة فالله بنعمته الالهيّة للمرضى تشفي وللنّاقصين تكمّل وللضّعفاء تقوّي وبشفاعات الكلّية القداسة والدّائمة البتوليّة مريم وشفاعة القدّيس أرسانيوس الكبادوكيّ وصلوات صاحب السيادة والآباء الاجلّاء و جميع أبناء الرّعية الحسني العبادة.

فطلب من الرّب أن يقوّيه وينيره ويشدّده في هذه الخدمة. فالشكر بالتسبيح والتمجيد لربّنا وإلهنا ومخلّصنا  يسوع المسيح رئيس الكهنة العظيم الذي أهّله بوافر محبته ورحمته هوعبده الخاطئ الغير المستحقّ إلى نعمة الكهنوت المقدّس إلى  هذه الخدمة الشريفة. ثم أثنى الشكر لصاحب السيادة على سهره الدؤوب ليقود الجميع لميناء الخلاص وعلى  استقامة رأيه وصلابة فكره على المستوى الرسوليّ أوّلًا وكيف جعل لأنطاكية كلمة الفصل في كثير من القضايا الحسّاسة مثل  الحوار المسيحي-المسيحي والحوارات مع المسلمين وهذا ما يجهله الكثيرون وهذا ما يجب أن يُسلّط الضوء عليه ليعرفه التاريخ الحاضر قبل أن يأتي المستقبل  وثانيًا على مستوى الأبرشيّة وبكل ثبات وجرأة أنّ صاحب السيادة يشجّع العيش المشترك مع الاخوة المسلمين وأيضًا عن تشييد الكنائس والقاعات والمدارس ومراكز تخييم الشبيبة وإذاعة السلام التي تسطع في أرجاء الأبرشيّة وجوارها على مستوى البثّ الأرضيّ وفي كل العالم على المستوى الفضائيّ. وهذا المسار يشكّل المثال لكل طامح إلى خدمة المذبح العليّ. ثم الشكر لكلّ الآباء على الخدمة وعلى صلواتهم التي رفعوها ليستحقّ هذه النعمة وخصّ بالذكر آباء رعيّة رحبة قدس الأب يوحنّا رزق المتقدم في الكهنة الذي تعب وضحّى وأعطى وبذل كلّ ما باستطاعته ليخدم القطيع المؤتَمن عليه فأثمر فيه نِعَم  الروح خدمة لائقة ووعظًا موجّهًا وترتيلًا وصوتًا ملائكيًّا والأب بولس الكوسا الذي هو الأخ وصديق الطفولة والشريك في الخدمة ورفيق الدّرب وهنّأه في ذكرى سيامته المصادف في اليوم عينه أيضًا. كما شكر عائلته على تعبهم، تربيتهم وجهودهم  ودعمهم خلال حياته على كافّة الأصعدة وزوجته التي تدعمه وتشدّده وتنصحه وتنبّهه إلى أشدّ التفاصيل وللكثير من الامور لتصبح الخدمة ترضي قلب السيد. إضافةً إلى ذلك شكر لمجلس الرعية كلّ تقديماتهم وكذلك  ولأبناء حركة الشبيبة الأرثوذكسية جهودهم وتعبهم وتنظيمهم ولجوقة الحميرة رئيساً وأعضاءً ولجوقة القديس جاورجيوس في الرّعية رئيسةً وأعضاءً الذين ساهموا في هذه الخدمة. والشكر الأخير كان لكلّ أقاربه وزملائه في المدرسة الوطنيّة الأرثوذكسيّة.

 

 

 

159 Shares
159 Shares
Tweet
Share159