نور المسيح – المطران جورج (خضر)

نشرة رعيتي Friday May 11, 2018 1047

منذ الفصح نقرأ إنجيل يوحنّا ونهتدي به إلى نور المخلّص وهو إنجيل مملوء بالحديث عن النور. هذا هو الأحد الأخير من الفترة الفصحيّة، وقد شاءت الكنيسة المقدّسة أن نختتم هذه المدّة الطيّبة بتلاوة عن أعمى يُشرق بنور يتدفّق عليه، وكأنّها تريد أن نلتفت إلى المسيح النور الذي هو ضياء نفوسنا لأنّنا في الخطايا عميان، ويجب أن نكفّ عن الخطيئة لنبصر نور المخلّص. نحن منذ قيامة المخلّص صرنا منتصرين به، فرحين بخلاصه.

قرأنا عن المولود أعمى حيث يتبيّن الصراع القائم بين السيّد والفرّيسيّين. إنسان شُفي من مرضه يوم سبت حيث كان العمل ممنوعًا واعتُبرت الأعجوبة عملاً ممنوعًا، واعتُبرت أيضًا مستحيلة لأنّه ما سُمع قطّ أنّ إنسانًا أعمى منذ مولده يُشفى. الواقع الملموس أنّه شُفي. لكنّ رؤساء اليهود لم يقتنعوا بالملموس لأنّ هذه الأعجوبة تلغي مواقفهم التي كانت مسبقًا لاغية ليسوع الناصريّ.

ما أراد اليهود أن يقرّوا بأنّ الشاب كان أعمى- كانوا هم عميانًا- أرادوا ألاّ يعترفوا بالواقع، مصيبتهم أنّهم استمرّوا ينكرون حتّى النهاية. المأساة في القلب البشريّ أنّ الإنسان حرّ، حرّ في أن يرتكب الخطأ وحرّ في أن يتوب، وقد يبقى الإنسان مصرًّا على الخطأ ولو رأى الخطيئة.

كان اليهود يخشون أن يصبح يسوع ملكًا على الإنسانيّة الجديدة التي تؤلّفها الكنيسة خارج إسرائيل فيزول نفوذهم. لذلك كان ينبغي أن يموت هذا النبيّ الجديد وأن تُلغى أعماله وألاّ يُعتَرف بها. كان هذا موقفًا اتّخذوه مسبقًا لعماهم هم. أبصر الأعمى وهم غير مبصرين، لكنّهم يحسبون أنفسهم مبصرين لذلك يجب أن يبقى المريض أعمى. هذا كان الموقف. أرادوا أن يلغوا جميع أعمال يسوع التي كانت سابقة لموته وقيامته. الاعتراف بشفاء الأعمى كان اعترافًا بأنّ يسوع الناصريّ قد أرسله الله لخلاص العالم.

شرط الخلاص أن يغتسل الإنسان بالكلام الذي أرسله الله، أن يغتسل بالنعمة التي يقذفها الله في قلبه. قال يسوع للأعمى: «اذهب واغتسل»، أي لا تبقى قذرًا، اذهب أيّها الإنسان، كلّ إنسان، واغتسل، لا تبقى ملتصقًا بأوساخك، مكبلاً بها، ولكن اتركها وارحض ذاتك بماء النعمة. وإذا ذهبت واغتسلت بكلام الله عندذاك تُبصر.

قد يكون الإنسان مسيحيًّا ومع ذلك يبقى أعمى، ليس لأنّ ديانته مظلمة ولكن لكونه هو لم يبقَ على ديانته. المؤمن بالربّ يسوع مبصر. فإذا أخطأ وأصرّ يجعل نفسه وكأنّه مولود أعمى. يُظلم من جديد من بعد نور لأنّ السلوك السيّئ بظلام يدخل إلينا من جديد من بعد النور ويجعلنا عميانًا. إذًا لا نفتخر بأنّنا مسيحيّون، هذا لا يكفي، بل نفتخر بأنّنا نطيع وصايا الله. القضيّة أن يستمرّ النور علينا، لا أن نأخذ النور منذ طفولتنا في المعموديّة وننسى، الأمر كلّه أن نبقى معمّدين أي أن نسلك سلوك المعمّدين، يُعطى لنا النور بالعمل الصالح. المعموديّة تُجدد بالعهد الذي نقطعه على أنفسنا في حضرة المسيح كلّ يوم.

المطران جاورجيوس

125 Shares
125 Shares
Tweet
Share125