كان كودراتوس شابًّا نبيلًا، غنيًّا، مثقّفًا، وهو من بين عدد من المسيحيّين الذين رفضوا تقديم الأضاحي للأوثان، وانتظروا الساعة التي سيؤدّون فيها اعترافًا بالربّ يسوع. ودخل السجن ليحثّ الضعاف على التشبث بالإيمان. وأمام الحاكم، الذي طلب من المسجونين كشف هويّتهم، هتف: “نحن جميعًا هنا مسيحيّون، وهذا الاسم هو عنوان مجدنا! نحن سكّان أورشليم السماوية!” فوجىء الحاكم وأمر بإيقافه، فتقدّم إلى أمام القاضي وأدان عبادة الآلهة المزيّفة. فمدّدوه وضربوه. ولمّا عرف الحاكم أنّه من أصل نبيل، أوقف التعذيب ودعاه إلى الإشتراك بتقديم الأضاحي. وبعدما واجه منه كلّ الامتناع أسلَمَه إلى التعذيب من جديد. فأشبعه الجلّادون ضربًا، ولكن على غير طائل. ولمّا كان المساء، أُعيد الأسرى إلى السّجن ومدّد كودراتوس على كسر الفخار وجُعل حجرٌ ثقيل على صدره. وأخذ الحاكم معه الأسرى المسيحيّين إلى نيقيا ليضحّي هناك. ومشى كودراتوس أمامهم كضابط، ولمّا بلغوا المكان تظاهر بأنّه أذعن وطلب أن يُحَّل من قيوده. للحال اندفع إلى داخل المعبد وحطّم كلّ الأصنام فيه. قبض عليه الوثنيّون وقيّدوه ومزّقوا جنبيه بأظافر حديديّة في حضور المسيحيّين الذين خارت عزائمهم ورضخوا وقدّموا الأضاحي. فاتّهمهم القدّيس كودراتوس بالجُبن وقلّة الإيمان بقيامة الأموات، وذكّرهم بأنهم سيؤدّون حسابًا عسيرًا عن خيانتهم لدى منبر المسيح المرهوب. فحرّك كلامه قلوب بعض هؤلاء فتابوا بالنواح والاستسماح. فأمَرَ الحاكم بإرسالهم إلى مَواطنهم ليُحرقوا هناك، فيما عُذّب للفور كلّ مَن ساتورنينوس وروفينوس وقُطع رأساهما. أمّا الأسرى الباقون فأُرسلوا إلى أبولونياس حيث جرت محاولة حملهم على التضحية من جديد على غير طائل. أمّا كودراتوس فنُقل مجدّدًا إلى هيرموبوليس، محمولًا على عربة لأنّه لم يكن بإمكانه أن يمشي لجراحه. هناك، بعدما استبان استجوابه عقيمًا عرّضوه للنار وأخيرًا قطعوا رأسه.