تذكار القدّيس البار سمعان العمودي الذي من الجبل العجيب (+ 592 م)

mjoa Friday May 24, 2024 248

symeon stylite

وُلد في أنطاكية، من أبوَين عطّارين من الرّها. في سِنّ الخامسة نجا وأمّه  بأعجوبة من هزّة أرضيّة ضربَت أنطاكية، لكنّ أباه قضى تحت الأنقاض. واكتشف الولد ديرًا صغيرًا يديره يوحنّا العموديّ، الذي كان أشعره ملاك الربّ بسلسلة من الرؤى، بقدوم سمعان. فاستقبله بفرح كمختار من الله وضمّه إليه للحال. وعلامات الحكمة والزهد التي استبانت على الولد أذهلته. وقد تشدّد في سعيه إثر رؤيا أبان له الربّ يسوع المسيح فيها أنّ انتصابه على العمود يشبه صلب السيّد، وأنّ هذه له هي الوسيلة للاقتداء بآلامه الخلاصيّة. وكان قوامًا اللّيل بطوله حتى يتلو كتاب المزامير برمّته. أمّا نهاره فكان يقضيها في تمجيد الله في غربة عن كلّ طعام. لامَه رئيسه وطلب منه الإقتداء به، فكان جوابه إنّه لا يشاء أن يسيء إلى الآخرين، ولكنّه بحاجة إلى مثل هذه الأعمال النسكيّة لكي لا يدع ذهنه يتنقّل بالتصاقه بالماديّات. وهكذا أبدى هذا الولد العموديّ المبارَك حميّة المحارب المتمرّس في الصّراع ضدّ الأبالسة. وقبل أن يفقد الولد أسنانه الأولى بقليل، كان قد ملك، بنعمة الله، القدرة على طرد الأرواح الخبيثة وشفاء المرضى. شهرة سمعان كناسك وصانع العجائب انتشرت بسرعة، أخذت الجموع تتدفّق عليه وعلى شيخه معًا. ذات يوم في العنصرة، نزل الرّوح القدس على قدّيس الله وملأه حكمة وعِلمًا حتى إنّه شرع في تأليف مقالات في الحياة الروحيّة لفائدة الرّهبان وعامة المؤمنين في آن. أقام عمودًا بعلو اثني عشر مترًا وبقي عليه ثماني سنوات ممتدًّا كلّه إلى السماء. إثر وفاة أبيه الرّوحي، انتقَلت إليه رئاسة الشِّركة إلى آخر أيّامه. وكان سمعان يتشبّه، في كلّ شيء، بالرب يسوع، في مسراه على الأرض.
بعد سقوط أنطاكية وإحراقها على يد خسرو الفارسيّ، أضحى الدير على مرمى النظر منهم. كانت صلاة سمعان كافية لإبعادهم.  فلمّا بلغ الفرس الدير أثار ملاكان من الله، بعثا لحماية سمعان، الذعر في صفوفهم فأولوا الأدبار. وأمكَن، بعد ثلاثة أيام، الرّهبان العودة إلى مواضعهم.
لمّا ذاع صيت سمعان في طول البلاد وعرضها، لم يعد بإمكانه أن ينعم بالهدوء، فقرّر على الأثر، أن يترك عموده ويخرج إلى مكان قفر لا طريق إليه تكثر فيه الضواري. وأخذ آلاف الحجّاج يشقّون طريقهم إلى القدّيس في هذا المكان القاحل المجدّب، فتمّ بناء دير فسيح وكنيسة باسم الثالوث القدّوس وتوزّعت الأبنية الرّهبانية بشكل صليب وأُقيم للقدّيس عمود جديد، يتراوح بين الستة عشر والثمانية عشر مترًا. فكان على الرّهبان أن يمتنعوا عن استعمال السلع المقرّبة من الحجّاج بناء على توجيه من القدّيس، وعلى صلاته امتلأت مخازن الدير حَبًّا ولمّا ينفَذ طيلة ثلاث سنوات. وإلى الشركة انضمّ عدد من الإيبريّين الجيورجيّين فصارت لهم مذ ذاك، شركتهم الخاصة في الجبل العجيب. وإثر رؤيا مرعبة أعلن سمعان عن هزّات أرضيّة كبيرة مزمعة أن تحدث. وقد ألزم رهبانه بإنشاد طروباريّات من تأليفه، على مدى سنتين، بغية تهدئة غضب الله. لكن ما إن عبَرت هذه الكارثة حتّى ضرب الطاعون أنطاكية، وكان أيضًا سمعان قد تنبّأ به. وقد نجا قسم من المدينة بفضل صلوات المغبوط. عاش سمعان إلى سِنّ الحادية والسبعين. وقبل رقاده تنبّأ بصعوبات سوف يمرّ بها الدير بسبب مؤامرات أنغولاس. ثمّ زوّد الإخوة بإرشاداته وأسلم روحه، بين يدي الله الحيّ بسلام.

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share