الإسلام على نهج العلايلي

الأب جورج مسّوح Wednesday December 10, 2014 164

تحلّى الشيخ عبدالله العلايلي (1914-1996) بالجرأة والإقدام حيث انكفأ سواه من أهل الفقه. فأصدر كتاب “أين الخطأ؟ تصحيح مفاهيم ونظرة تجديد…” (الطبعة الأولى، دار العلم للملايين، 1978؛ الطبعة الثانية، دار الجديد، 1992) انتقد فيه، من باب العالم بالفقه الإسلاميّ، قضايا فقهيّة عدّة رأى فيها تباينًا مع المنهج الإسلاميّ الصحيح. وسرعان ما مُنع كتابه، بطبعته الأولى، من التوزيع والانتشار.

يستهجن العلايلي قلّة مَن يصحّ فيهم أن يوسموا بالفقه، فالفقيه عليه “أن يتمتّع بملكة الاستحصال لا الاستحضار. فليس الفقيه مَن يحفظ “قيل وقال”، بل مَن يستخرج ويستنبط من “القيل والقال””. ويتنامى استهجانه حين يتناول بالنقد الفقهاء التقليديّين الذين يسارعون إلى خدمة السلطات الحاكمة وتبرير أفعالها وتجاوزاتها. ويورد، مثالاً ساطعًا على ذلك، مسألة احتكار النفط الذي يراه ملكًا عامًّا ينبغي، بناءً على الحديث النبويّ: “الناس شركاء في ثلاث: الماء والكلأ والنار”، أن ينتفع منه كلّ العرب والمسلمين، لا الدول التي تنتجه وحسب.

كما يدعو العلايلي إلى ضرورة الاجتهاد حتّى في المسائل التي عليها “إجماع”، وبخاصّة إذا كان “من نوع الإجماع المتأخّر الذي لا ينهض حجّةً إلاّ إذا استند إلى دليل قطعيّ”. ولذا، وفق العلايلي، لم يأخذ أبو حنيفة بإجماع التابعين، بقولته الشهيرة: “هم رجال، ونحن رجال”. ويعني بهذه القولة أنّ لكلّ جيل الحقّ بأن يجتهد في المسائل المطروحة ويستبين الجواب المناسب بالاستناد إلى الأصول الإسلاميّة، وبخاصّة القرآن والحديث. لذلك، لا يعارض العلايلي الزواج المدنيّ، لأنّه لا يرى في القرآن أو في الحديث مانعًا يحول دون زواج المسلمة برجل من أهل الكتاب. وفي هذا الصدد يقول: “إنّ الموضوع أصلاً لا دليل عليه، إلاّ إطباق الأقدمين إطباقًا مشفوعًا بالاشتهار”.

يضع العلايلي في مسألة الحدود الجزائيّة والجنائيّة وتطبيقها في الإسلام قاعدة مثلى للتعامل في شأنها، وهي قاعدة “إنّ العقوبات المنصوصة ليست مقصودة بأعيانها حرفيًّا، بل بغاياتها”. فالعقوبة، وفق العلايلي، “غايتها الردع الحاسم، فكلّ ما أدّى مؤدّاها يكون بمثابتها، وتظلّ هي الحدّ الأقصى، الأقسى، بعد أن لا تفي أيّة الروادع الأخرى، وتُستنفَد”، و”لا يُلجأ إليها إلاّ عند اليأس ممّا عداها”. غير أنّه يؤكّد أنّ ثمّة أحكامًا لا أصل لها في الإسلام ينبغي إزالتها، ومنها الرجم، فيقول: “لا رجم في الإسلام (…) على أنّ ما شاع وذاع، من قول بالرجم، يعتمد على طائفة من الأحاديث، لم ترتفع عن درجة الحسن”.

الأب جورج مسّوح

“النهار”، 10 كانون الأول 2014

 

 

 

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share