كلمة مسؤولة العمل الإجتماعي في الأمانة العامة و رئيسة مركز جبل لبنان ريما ونوس في عشاء التبني المدرسي -أيار 2009

mjoa Wednesday May 20, 2009 349
سيدي الجليل,
يا إخوة,
المسيح قام.
لا أعتقد أنّ الإخوة الحركيّين, الذين نظّموا هذا اللقاء دعماً لمشروع التبنّي المدرسيّ, قد قرّروا أن يجمعونا اليوم, بعد انتهاءِ موسم الصوم الكبير, موسم التذكيرِ بحق العطاءِ, من أجل وفرةِ ألوانِ الأطعمة. فاعتقادي الكامل أنّهم يتحرّكون, و تالياّ يُحرِّكون, على قاعدةِ أنّ المحبّةَ, التي أمرنا الرسولُ بأن: “لا تكونَ بالكلام و اللسان, بل بالعمل و الحقّ”, هي, عندهم, لا ترتبطُ بموسم, بل ترتبطُ, أبداً, بوعي أنّ المسيحَ قام. فعندهم, وعيُ متطلّباتِ القيامةِ حرٍّ من كلِّ موسم. وإذا توغّلتُ, قليلاً, في معنى قولِ الحبيبِ الذي اقتبستُهُ الآن, فلا أقدرُ على أن أتجاوزَ أن المحبّة الفاعلة لا يمكنُ أن تقومَ فينا حقَّا الاّ إذا تلألأتْ قلوبُنا بأنوارِ محبّةِ الله التي تجلّت في ابنه الوحيد.  فهذه المحبّةُ هي التي تُعبّرُ, ببلاغةٍ كلّيّةٍ, عن إيماننا و الحقِّ الذي يجبُ أن يكونَ فينا.

إذًا, نحن قوم لا نأتي إلى الإخوة, الذين نراهم محتاجين, ممّا يثير شفقتنا, بل من إيماننا بأنّنا محبوبون, أي من اعتقادنا أنّ الله قد أحبّنا, بابنِهِ يسوعَ, حبّا يفوقُ الوصفَ. فنحن, واقعيّا, لا نقدر على أن نُحِبَّ, كما يجب, إلاّ إذا ملأتنا محبّة الله. و بكلامٍ آخر, إنّ خدمةَ الإخوةِ الجائعين و الغرباءِ و العراةِ و المرضى و المسجونين, و في سياقنا الذين يحتاجون إلى أن يُتبَنّوْا ليقدروا على الانخراطِ في المدارس انخراطًا كريمًا, لا يقومُ بها, كما يجب, سوى أناسٍ شربوا من كأسِ عطاءِ الله حتّى الثّمالة. فالمحبّةُ سَكرٌ, هو كلُّ الصَّحْوِ, أو جنونٌ, هو كلُّ التعقّل. و عندي أنَّ من وصفَ محبّةَ الله ب”الجنونية” كان مجنوناً فعلاً, أو, بكلامٍ أعقلَ, كان عاقلاً كلّيًّا, أو كان يريدُنا أن نُجَنَّ, حتّى تَصِحَّ إنسانيّتُنا, و نقدرَ على أن نخدمَ صحّةَ كلِّ أنسانٍ رماهُ الربُّ على دروبنا.
لا أريدُ أن تُصَدَّ نفوسُكم عن أطعمةِ هذه المائدة. و لكن, هل يليقُ بنا أن نأكلَ إنْ نسينا أنّ ثمّةَ جائعيينَ حولنا؟ و هل نستحقُّ أن نُنهيَ دراستنا الجامعيّة, إنْ نسينا أنّ غيرَنا لم يدخلْ مدرسةً, أو يخافُ, هو أو ذووه, من أن يُطردَ غداً؟
هذه الحركةُ, الرائعةُ في ما أُوحيَ إليها, تجمعُنا اليوم, لتحملَ إلينا قَلقًا ممّا يقلقها. و هل من إنسانيةٍ سليمةٍ لا يقلقها أن تُحبَّ؟ تجمعُنا اليوم, لنقلقَ اليومَ و غداً. تجمعنا, لأنّ هناك من أقلقها, أي حرَّكها, لتفعل. و هذا ال”من” هو روحُ الله الذي تسمّيه كتبُنا “روحَ الفهم”. و سيبقى روحُ الله يئنّ, ليفهمَ العالمُ كلُّه أنّ أيَّ مساعدةٍ يقدّمُها شخص ٌقادرٌ, أو غيرُ قادرٍ, إلى أيِّ محتاج, يتلقَّفها ذاك الذي ارتضى أن يوحِّدَ نفسَهُ بمستضعَفي الأرض. هذه, في زمانِ الناس, قيادةٌ غالية من قياداتِ الروحِ الى الابن.
نحن اليومَ, إذاً, مجتمعون, لئلاّ يُطردَ يسوعُ مِنْ مدرسة. إن كنّا نحبُّهُ فعلاً, فيجب أن نسمعَهُ, في سرِّ قلوبنا, يقولُ لنا:
لا ترموني خارجًا. لقد أتيتم اليوم, لتدعموا تعليمي. لن أنسى لكم هذا الأمرَ. وإن أردتم أن أزكّي محبّتكم, فاذكروني غدًا. و أعني ب:أذكروني غدًا: أُقصدوا المسؤولين عن هذا البرنامج الذي أوحيتُ به, في أيِّ فرعٍ من فروعهم, و هم يقولون ما ينبغي لكم أن تفعلوه. و مهما قرَّرتم, اذكروا أنّني أحبّكم“.
يا إخوة, لقد وهَبنا الربُّ حياتَهُ, لنهبَهُ حياتَنا. كلُّ المسيحيّةِ هي في هذه العبارة. فلنفعلْ ما يقتضيه وعيُنا أنّنا أحرار. فالربّ أوجدنا أحراراً, لئلاّ نَستعبدَ أنفسَنا لوهْمِ الإكتفاءِ بأنفسِنا.
فشكرًا للإخوةِ الذين جمعونا اليوم, الذين يريدوننا, أحرارًا, أن نُحِبّ.
شكرًا للإخوة الذين يحبّوننا أن نتّخذَ لنا أصدقاءَ بمالِ الظلم, حتّى يقبلونا في المساكنِ الأبديّة.
شكرًا للإخوة الذين يريدون لنا أن نحيا أبدًا.
حقًّا قام.
8 – أيار – 2009
0 Shares
0 Shares
Tweet
Share