كوستي بندلي – الأب إيليّا متري

الأب إيليّا متري Thursday January 10, 2019 1277

كوستي بندلي

أطلعني صديقي الأخ رينه أنطون على صفحة جديدة أنشأها، على الفايسبوك، إخوة محبّون لـ”الدكتور كوستي بندلي”. كان الإخوة، الذين يعملون على إدارة الصفحة، يطلبون أن تُكتب خواطر لها لذكرى مرور خمس سنوات على رقاده. سألني الأخ رينه. اتّفقنا على أن تنقل الصفحة المذكورة ما ستنشره عن الذكرى صفحةٌ أخرى أعتمدُها في كلّ يوم.

ثمّ تبتُ إلى أنّ سؤال الإخوة أمر.

أعرف الأخ كوستي أوّلاً ممّا كتبه ومن بعض لقاءات قديمة كان هدفُها، عندي، أن أراه، وأسمعه. ثمّ بدأ بيننا اتّصال هاتفيّ أُجريه معه يوم عيد شفيعه، وآخر يجريه هو معي يوم عيد شفيعي. ثمّ زرتُهُ في نزوله الأخير في المستشفى قبل أن ينصرف إلى موعد العشق الذي كان يقطف من أطايبه هنا في هذه الحياة. هذا يختصرُ معرفةً أراها لا تُختَصر.

أن يعنيك شفيعُكَ، هذا ساحرٌ بذاته. الأخ كوستي لا أحدَ يعلِّمُهُ أنّنا ورثنا عن القدّيسين ما لم نتعب نحن فيه. لِم، إذًا، تعنيه هو شخصًا المعايدةُ باسمٍ أَخَذَ، بقبوله، التمجيدَ مجّانًا؟! لِم قلتُ إنّ هذا ساحرٌ بذاته؟! عندي جوابان. الأوّل صدقُهُ في الحبّ. القدّيس ليس اسمًا فقط، بل حضور دائمًا. هل أقصد أنّ الأخ كوستي كان يريد بتعييده أن يُكرَّم شفيعُهُ؟ هذا أوّلاً. ولكنّ المعايدة، في يوم شفيعه، كانت تساعده على تعظيم البوح بما شأننا جميعنا أن يشغلنا، أي أنّ حياتنا معًا هدفها قداستنا. هذا ليس فقط اعترافًا بأنّ الله شاء لنا، في موعدٍ حدَّدَهُ، إن استحققْنا الرحمة، أن نكون من مواطني السماء، بل أيضًا أنّ شأننا، “الآن وهنا”، أن نحيا من حبِّ القدّيسين وتمثّلِنا بهم. كان كوستي بحبّه للقدّيسين كما لو أنّه يقول: “حبّنا بعضنا لبعض نبعه حبّنا للقدّيسين. هذا نبعه وهدفه”.

إلى هذا، الأخ كوستي تعرفه أيضًا من حبّ الإخوة الذين عرفوه عن قرب. تعرفه، وتحبّه. الإخوة هنا دليل حيّ على أنّ الكبار هم تأثيرُهم فينا. سمعتُ كثيرين يتكلّمون على تأثير الأخ كوستي فيهم كما لو أنّه كان موجودًا يحيا من أجل كلّ واحد منهم وحده. هذا أمر يجدر بنا أن نبقى نذكره إلى الأبد. ماذا يهمّني من ذكر هذا التأثير؟ شيئان أيضًا. أوّلاً، أن نمشي بهديه دائمًا. الرعاية شخصيّة. “كلّ إنسان كون”. نحن نحيا معًا، كلّنا معًا عائلة واحدة لله. ولكنّ دور الإخوة المعتبَرين بيننا أن يُتابعونا أفرادًا، بل دورنا، كلّنا بأجمعنا، أن نتابع بعضُنا بعضًا “لمجد الله وحمده”. ينفع هنا أن نذكر مَثَلَ “الخروف الضالّ”. الشيء الثاني، هذه الرعاية دَين (فيليمون ١: ١٩). أعرف شبابًا هجروا التزامهم لكونهم اعتقدوا أنّهم يستحقّون رعاية الإخوة لهم، أي لم يكتشفوا أنّها دَين. الذي لا يردّ دَينه، في حياته، يُخرج نفسَهُ من برّ الالتزام قبل أن يُعلن خروجه. رقد كوستي على الحبّ المخلص. لا أعتقد أنّ السماء تحتمل غير الثابتين. ثمّ ليس من مؤثِّرين سوى الذين نزلوا من السماء إلينا قبل أن يحملونا معهم في عودتهم إليها. عندما أرى شخصًا يبكي أخًا أثَّرَ فيه في حياته، أسأل: هل هذا وجه أو سماء؟!

ختم كوستي صفحات حياته، كما بدأها، على الحبّ. ولكنّه ترك لنا صفحاتٍ بيضاء، لنكتب نحن أيضًا، من وحي ما كتب، أنّ الحياة هي من أجل خلاص الآخرين!

الأب إيليّا متري

 

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share