إننا نوضح هذه الأمور كلها لأن ثمة ” أعداء للصليب ” ( فيل 3 : 18 ) . ما زالوا موجودين حتى يومنا هذا . ولا بد أن يعرف كل مؤمن أن صليب الرب ليس ” خزيًا ” ( تث 21 : 23 ) . بل “مفخرة” ( غلا 6 : 14 ) . فإن فخرنا ليس بحدث الصلب وحسب بل بخشبة الصليب أيضًا . فالصليب هو إشارة إلى صورة المسيح المصلوب , ويستمد قوته ونعمته من آلام المسيح . لذلك بشكل إشارة الصليب العلامة الخارجية لجميع أسرار الكنيسة المقدسة دون استثناء . ولا نعني بذلك أن لهذه الإشارة قوة سحرية بل إن فيها تكمن قوة الأفعال الإلهية المحيية . وهذه القوة لا تنبع من الإشارة ب” ذاتها” ولكن من علاقة هذه الإشارة بشخص المسيح .
والأمر نفسه حصل في العهد القديم فإن الملتفت إلى الحية النحاسية ” يخلص لا بهذه الالتفاتة بل بك يا مخلص الجميع وبذلك أثبت لأعدائنا أنك المنقذ من كل سوء ( حكمة سليمان 16 : 7 – 8 ) .
لكن الإسرائيلين تجاهلوا هذه الحقيقة وأرادوا عبادة الحية النحاسية قلم يتردد حزقيا الملك الورع الذي كرس نفسه لله الحقيقي وحده في سحق الحية النحاسية التي فقدت علاقتها بالله الحقيقي في ضمير الشعب المتمرد العاق وحلت محله ( 4 ملو : 18 ك 4 ) .
تعبّر إشارة الصليب عن حضور الرب في حياة المؤمنين والكنيسة وهي رمز النصر والغلبة على الخطيئة والموت ( أف 2 : 16 ) أي على الشيطان وأفعاله : ” أيها الرب لقد أعطيتنا صليبك سلاحًا ضد الشيطان لأن الصليب صار رهيبًا ومخيفًا للشياطين ولم تعد قوته باطلة فقد أنهض الموتى وأبطل الموت . لذلك نسجد لدفنك وقيامتك ” .
الصليب الكريم هو علامة الخلاص لأبناء الله وعلامة ابن الإنسان ( متى 24 : 30 ) . لذلك تؤكد الرؤيا أن الذين يحملون علامة الله سيخلصون في الأزمنة الآتية : ” ثم انتشر الدخان جراد على الأرض , فأعطي سلطانًا كسلطان عقارب الأرض وأمر بألا يؤذي العشب ولا شيئاً أخضر ولا شجرًا بل يقتصر على الناس الذين ليس على جباههم خاتم الله ” ( رؤ 9 : 3 – 4 ’ 7 : 2 – 4 ) . ( حز 9: 4 – 6 ) . لأجل هذا يصلي المؤمن الأرثوذكسي : ” بقوة صليبك أيها المسيح ثبت ذهني في تسبيح وتمجيد قيامتك الخلاصية ” .
إشارة الصليب ليست عادة متأخرة لدى المسيحيين ولكنها تعود إلى التقليد الرسولي . وقد تكلم القديس يوستينوس وترتليانوس الذي قال ” إننا معشر المسيحيين نرسم إشارة الصليب في كل رحلاتنا وتحركاتنا , في ذهابنا وإيابنا . عندما نرتدي الثياب والأحذية , وفي الحمام وعلى المائدة . عندما نشعل المصابيح وعندما نجلس للراحة . وعلى العموم في جميع أفعالنا اليومية وحياتنا . وقد استندت هذه العادة أصلاً إلى التقليد الكنسي ثم توطدت بالعادة ويجب أن تحفظ بالإيمان ” .