وُلد القدّيس ثايوفانيس وترعرع في العربيّة في أسرة امتازت بفضائل ثلاث: التّقوى والضيافة ومحبّة العِلم. وقد وفّر له والداه، هو وأخاه الأكبر ثيودوروس، فرَص تلقّن ما كان معروفًا في أوساطهما من علوم دينيّة وعِلم إلهيّ. ثمّ أرسلاهما إلى دير القدّيس سابا في فلسطين لاستكمال معرفتهما، لاسيّما في أصول الحياة الرهبانيّة. برَع القدّيس في فضائل الحياة الرّهبانيّة الملائكيّة إضافة إلى نَظم الأشعار الكنسيّة والترتيل، من هنا لقَبُه بالمرنّم أو المُنشىء وقد سيمَ مع أخيه كاهنًا. لمّا أثار الإمبراطور البيزنطيّ لاون الأرمنيّ الاضطهاد على مكرّمي الإيقونات المقدّسة، شاء البطريرك توما الأورشليميّ أن يقارع لاون بالحجّة علّه يرتدّ إلى صوابه، فأرسل إليه سفارة قوامها الأخوان العالمان ثيودوروس وثايوفانيس وأبوهما الرّوحي ميخائيل النائب. حاول الإمبراطور في بادىء الأمر أن يستميل السفارة إلى حزبه، فلمّا تعذّر عليه ذلك أسلَم الأخوَين إلى المعذّبين، ثمّ نفاهما إلى إحدى جزر البحر الأسود وحظّر على أيّ كان أن يقدّم لهما العون، حتّى في ضرورات عيشهما. وقد أقام الأخوان على هذه الحال ردحًا من الزمن إلى أن ثار عبيد لاون عليه وقتلوه ليلة الميلاد من العام 821م، وملَك بعده ميخائيل الثالث المعروف بالألثغ فعرف مكرّمو الإيقونات في أيّامه هدنة دون أن يحسم الأمر في النزاع القائم إلى هذا الجانب أو ذاك. وقد سمحت الحالة للأخوَين أن يعودا إلى القسطنطينيّة حيث أخذا ينشران بهمّة واندفاع ما علّمه المجمَع النيقاويّ الثاني بشأن إكرام الإيقونات. لكنّ حسد بطريرك القسطنطينيّة الهرطوقيّ آنذاك، يوحنّا، أعادهما إلى المنفى من جديد. وما أن ارتقى العرش ثيوفيلوس، ابن ميخائيل، حتّى اشتدّت قبضة الاضطهاد من جديد، فأرسَل في طلب الأخوَين من المنفى وحاول أن يكسبهما إلى معسكره فلم يفلح، فأسلمهما للتّعذيب ونفاهما من جديد إلى أفاميا في بيثينيا حيث أسلم الرّوح هناك ثيودوروس بعدما طَعن في السِنّ وقضى خمسًا وعشرين سنة في الاضطهاد. أمّا ثايوفانيس فبقي في المنفى إلى أن مات الإمبراطور ثيوفيلوس سنة 842م ثمّ اختير أسقفًا على مدينة نيقية، فأقام فيها راعيًا لشعبها إلى أن رقد بسلام العام 847 للميلاد. هذا وقد كتب ثايوفانيس خلال فترة الاضطهاد ما لا يقلّ عن مئة وخمسة وأربعين قانونًا ما يزال الكثير منها يرتَّل اليوم لا سيّما في الأعياد السيديّة والقدّيسين.
طروبارّية القدّيس ثايوفانيس المرنّم
*لما تشبّهت بالملائكة أيها الأب بنشاطٍ، ظهرت بوقًا ذهبيًّا للظهور الإلهيّ الذي لا يُوصف، وغذّيتَ الشعب بأقوالك الغنيّة. لأنّ أناشيدك الكلّية الحكمة ذات الألحان (النغمة) الكلّية الوضوح، تُفرّح الكنيسة، التي بها جاهدت ببهاءٍ، يا ثيوفانيس المغبوط من الله.