٢٠٢٠/٤/١٨
إلى الأحبّة أعضاء حركة الشبيبة الأرثوذكسية
المسيحُ قام.
أتوجّه إليكم مُعايِدًا حيث تَختَلون، وعائلاتكم، حامينَ أحبّتكم والآخر ومَحميّين بالربّ، في بيوتكم. ولمّا صرتم بكلّ بيتٍ منها عُلّيةَ فصحٍ تتلألأُ بأنوارِ قيامته وتصدحُ بأناشيدِ ظفره، أذكرُ، معكم، سلامَ الرسول إلى “الكنيسةِ التي في بيتِك” (فل ١ : ٢) “والتي في بيتِهما” (رو ١٦ : ٥).
يا أحبّة،
يومَ كلَّمنا المجمعُ المقدّس بشأنِ ملازمَتِنا لبيوتنا، زمَن الفصح، أدرَكنا أنّها انحناءٌ لارادة الله، وشُكرٌ لما أغدَقه علينا من نِعَمِ الوجود، وإعلاءٌ لشأن إنجيله في ضمائر أهل الأرض. وأدرَكنا، أيضًا، أنَها صلاةٌ، لأجل الكلّ، مِن صلاةٍ خطَّها مسيحُنا على ورقةِ حبٍّه للعالم بريشَةٍ حبرها مِن دمه.
فما نتشاركُه والبشرية قاطبةً اليوم من ألمٍ وقلقٍ على الأحبّة والوجود، بسبب ما يهدّد الانسانَ من وباءٍ، هوَ حبٌّ انسكَب علينا من فوق، مِنَ المحبّة المرفوعة على الصليب. ولذلك نراه موسومًا برجاءِ أن “يؤولَ إلى فرح” (يو 16 : 20)، وبيَقينِ أنَّنا “أبناء القيامة”.
يا إخوة
القيامة حدَثَت. الفصحُ أُقيم، والفداءُ، على المائدة، ممدودٌ حتّى ذلك اليوم العظيم. النهوضُ مُتاحٌ لنا كلّما تزَلزَلنا بيسوع قائمًا، فينا، خالِعًا الأبواب. كلّما أيقظَتنا صرخةُ فدائه من غَفوَتِنا في العَتمةِ وإلْفَةِ الذات، وسِرنا إليه في النور لنَصِلَه في الحبّ والآخَر، ونكون معه في قيام.
إنَّ انكسارَ أجسادنا لم يعد موتًا، فبانكسار جسدِه على الصليب وتَصدُّع الجحيم، صارَ ممرًّا إلى انتصارِ الكيان. الموتُ يبقىَ في ضُعفنا أمام الخطيئة، وكم نحن أمامَها في انكسار. والفصحُ يُتَمَّم فينا حينَ نتوبُ عن هذا الضعف بما وهبَتنا قيامتُه من قوّة انتصار.
يا أحبّة،
يأخذنا العيد إلى حيث من عَبَقِ المسيح نتنشّق، إلى حياة الكنيسة. وفي عيد الأعياد، يزيد الرجاءُ بأن تمتدَّ توبةُ الأبناء، و يُتمَّمَ الفصح، فيها. وهذا تكليفُ كلّ من يرجو النهوضَ القياميّ من أبنائها خصوصًا حيث يبرُز ما يُحزِن الله فيها، رغمَ واحاتٍ مُفرِحة. وقد يكون هوَ أوّلاً، اليوم، حيثُ عادت المظاهر تتآكل الجوهر. حيث مَن يَبخل وقتَ يئنُّ المحتاجون. ومَن “يُبالي بالأغنياء ويلهو بوجوههم” وقتَ يكثُر الفقراء. ومَن يأبى أن يكونَ للإنجيل صوتٌ في العالم، ويُجهِّل دعوةَ الربّ هذه. ومَن يُجرِّب الله. وحيثُ مفاهيمٌ تُنصِّب الشرَّ، وقتَ يفتك بالحياة، “رسولَ” تأديب للناس، وحيثُ تعبُث، هذه، بالفداء وتُقدِّم الله للشعب شريعةً وناموسًا وإلهًا “يريد ذبيحة”. حيث، أيضًا، مَن يُرخي “بأحمالٍ ثقيلةٍ على مناكِب الناس”. ومَن يُزايد ويَعصي ويخالف، في كنيسةِ المائت طاعةً، بتَمادٍ. وحيث الفرديات والأنانيات تكادُ تتآكل وحدة الجسد وتطعنَه بحربة الانقسام والتشرذم. وحيث مَن يجرح هذا الجسد بسلوكٍ من هنا وتصرّف من هناك.
يا أحبّة، إلى هذه التوبة، القيامة الشهادية والكيانيّة، يدعونا المسيح اليوم جميعًا ليكون لنا فصحٌ. وبرجاءِ أن نسمعَ صوته، أدعَكم وأحبّتكم وكلّ المدعوّوين مغمورين بفرحِ فدائه وعُهدةِ قوّته راجيًا ألا ننسى في هذه المحنة، وأبدًا، “أن المسيح يسكنُ فينا، وقلبنا هو البيتُ الحقيقي”. (مِن معايَدة غبطة البطريرك يوحنا العاشر للمؤمنين- فصح ٢٠٢٠). والسلام.