مجانيّة الحبّ الإلهيّ

الأب نعمة صليبا Saturday May 16, 2020 1031

“…أَنَّهُ تَأْتي سَاعَةٌ، لا في هذا الْجَبَلِ، وَلا في أُورُشَلِيمَ تَسْجُدُونَ لِلآبِ.”

بعد إعلان “العهد الجديد” قيامةَ يسوع، تُرتّب الكنيسة في خدمِها، من إنجيل يوحنا، عدّة نصوص تستكمل ما قد سبق ورتّبته خلال الصوم الكبير. ونجد هذه النصوص تدور حول عنصر المياه، العنصر الأبرز في طقس المعمودية، وهي: المخلّع والمرأة السامريّة والأعمى.

يُلحَظ في كلٍّ من هذه النصوص الإنجيليّة النقاط المُشتركة التالية:

إنَّ الشفاء سبقَ معرفة يسوع وامتلاك أيّة معلومة عنه، فلم تكن تلك المعرفة شرطًا للشفاء. كما أنّ اللقاء بيسوع سبق التعليم الإلهيّ، وأنَّ السمة الرسوليّة أُطلِقت على كلّ من اقتبل يسوع.

إن راجَعنا تفاصيل حياة المخلّع، قبل حصوله على الشفاء، نجد أنّه شُفِيَ دون أن يعرف البتّة أيَّة إشارة عمَّن شفاه. حتّى أنّه كان يجهل اسم يسوع. ويسوع هو من رآه أوّلا وهو من بدأ الحديث معه دون إيّ إعلان مُسبَق للإيمان من قبل المخلّع. ونرى أنَّ يسوع، بعد الشفاء، يعود ويلتقي به ويُودِعُهُ تعليمًا فيصبحُ المخلّع رسولًا ليسوع دائمَ الحركة كاسرًا إعاقته الجسديّة.

في نصّ المرأة السامريّة نجد أنفسنا أيضًا أمام المراحل ذاتها. فهي، بعد اللقاء بيسوع، تبحث باستمرار عن هويّته ومن ثَمَّ تصير رسولةً إلى أهلها بالرغم من إعاقتها كامرأة (وضع المرأة في ذلك العصر) وإعاقتها المجتمعيّة كسامريّة (العداوة مع اليهود) وإعاقتها الأخلاقيّة (كمشتبه بأنَّها زانية).

أما مع الأعمى فنرى تأكيدًا قويًّا لعدم رؤيته المسبقة ليسوع لكونه أكمأ، أي وُلِد من دون عينين. وبعد شفائه أمسى، لأهله ومجتمعه، معلّماً عن يسوع الذي شفاه دون أيَّة معرفة مسبقة به. فنراه قد كسر كلّ إعاقة جسديّة (العمى) ومجتمعيّة (لا تُقبَل شهادتُه في المحكمة) وأخلاقيّة (السؤال عن الولادة بالخطيئة).

خلاصةُ الكلام، أنّ الانتماء إلى يسوع يعطينا قوّة حبّ كبيرةٍ نستطيع بفضلها أن نكسر حواجزَ ضاربةً في الزمن ونُشْفِيَ إعاقاتٍ ولدنا بها، أو فرضها المجتمع علينا. وأنّ الربّ يسوع، يعمل بواسطة الروح القدس الذي يهبّ حيث يشاء، وفي أناسٍ كثر يعلنهم لنا، في أوقات الشِّدّة، تلاميذَ حقيقيّين يسبقوننا إلى المقاعد الأولى الأقرب إلى قلبه. (حاملات الطيب ويوسف الراميّ ونيقوديموس).

 

فلنفتح نفوسنا لعمل الله المتعدّد الأنماط، ذاكرين، رغم الطريق التي درجنا عليها، أنّ ما درجنا عليه ليس الطريق الوحيد، وأنّ للحياة مع يسوع طرقًا غير التي نسلك.

الأب نعمة صليبا

110 Shares
110 Shares
Tweet
Share110