الموضوع: أُثبُتوا في الحقّ : اثبتوا في الحق- Thruth Presentation (2)
الهدف العامّ: أنْ يُدرِك المُشارِكُ أنّ الحركيّ المؤمن، النَّاهِض بنفسه أوَّلًا بالتَّوبة، شاهدٌ للحقّ في كلّ وقتٍ، دون أن يكسر محبّته للآخَر.
الأهداف الخاصّة: – أن يربط المُشارِك بين مفهوم الحقّ وشخص الرَّبّ يسوع المسيح.
- أنْ يُحدِّد المُشارِك مفهوم الجماعة وخصائصها.
- أن يُحلّل المُشارِك تأثير الأزمات على الجماعة الحركيَّة، انطلاقًا من بعض المستندات.
- أن يستنتج المُشارِك أنّ أيَّ تقويمٍ للآخَر يبدأ، أوَّلًا، بتقويم الذَّات، من خلال التَّوبة.
سَير العمل:
يتوزَّع المُرشدِون إلى مجموعاتٍ للنّقاش، يُرافق كُلًّا منها مُنشّطٌ يُدير فيها النَّقاش وِفق المُستندات التَّالية.
مرحلة الاستكشاف:
يطرحُ المُنَشِّط سؤالًا، ويستمع إلى إجابات المُرشدين، دون أن يُعطي رأيه أو يُحدّد ما الصَّح وما الخطأ، وَمُشدِّدًا على أنَّه لن يُفتَحَ مجالٌ للنِّقاش حول هذا السّؤال.
في إحدى جلسات فرقةً حركيّةً، احتدَّ النِّقاشُ وسادَ التَّوتُّر حين تطرَّق الحديثُ لِما ابتدأ في البلد بتاريخ 17 تشرين الأوّل 2019، وما تلاه من أحداث. لماذا، برأيكم، حدَثَ ذلك؟ (أجوبة متعدّدة).
خلال الحوار، يطرح المُنشِّط الأسئلة التَّالية: هل من طريقة أو منهجيَّة لتحديد مَن هو على حقّ؟ هل مِن وسيلة علميَّةٍ لتحديد الحقّ؟.
مرحلة التّعليم:
المستند الأوّل:
ثمَّ، يَطرَحُ المُنَشِّط على المجموعة فرضيَّة، ويطرح عليهم بعدها أسئلةً للنّقاش:
أنتَ موظّف محاسبة في إحدى الشَّركات المهمَّة. رئيسك في العمل يظلمك من ناحية دوام العمل والمعاش القليل بالمقارنة مع زملاء لكَ أقلّ كفاءةً وأعلى معاشًا. الترقية مُحِقّة لك ولكنَّ رئيسك لا يرقّيك ظلمًا.
أمّا أنت، فرغم أنَّكَ بحاجة للتَّرقية، نظرًا لكون ظروفك ضاغطة- أنتَ مسؤول عن عائلة، ابنك في الجامعة، ابنتك بحاجة لأدوية مزمنة، وعليك ديون ينبغي تسديدها في أوانها-، فَتَبذُلُ قُصارى جهدك لكي يكون عملك مُتقَنًا ونزيهًا.
ذاتَ يومٍ، راح موظّفٌ أرفع منك يُغريكَ بِأنَّكَ، إن غَضَضتَ النَّظرَ عَنِ تَلاعُبٍ بالأرقام، تجني ربحًا يُوازي ما تستحقّه. وما توانَى، أيضًا، عن تهديدكَ بتعطيل ترقيتك أكثر فأكثر إنْ لم تتجاوب معه. قد تُبرِّرُ هذا بِأنَّكَ مظلومٌ وَبِأَنَّ حقَّك مسلوبٌ، ومن حقِّك، بالتَّالي، أن تحصل على هكذا مبلغ.
- هل تقبل ما عرضه عليك هذا الموظَّف حتَّى تَرُدَّ اعتبارك وَتحصَل على جُزءٍ من حَقِّك؟
بالحقيقة، فقط إذا كنتَ متمسِّكًا بالأمانة لعملك، فقط إذا ما ثبتَّ في الأمانة، ولمّا تُبالِ، أقمتَ في الحقّ. مهما كانت الأسباب، لا ما يُبَرِّرُ الباطل تحت أيّ ظرف! كلّ إناء ينضح بما فيه. (الحقُّ مُكلِف).
الحقُّ مُكلِف: كلّ الناس يدَّعون الحقّ. ولا واحد، إلّا التّائب، متى كان في الباطل، قال: “أنا في الباطل!”. كلٌّ يتظاهر بالحقّ. مشكلة الناس ليست أنّهم لا يريدون الحقّ، بل أنّهم يحسبون الحقّ باطلًا والباطل حقًّا، لأهوائهم. لذا، قلّةٌ تقيم في الحقّ الحلال وتثبت فيه. والسَّبب أنّ الحقّ مُكلِف (أنظر المثل أعلاه). هذه الكلفة بالذّات هي المحكّ. وهي، في بعض الأحيان، مُجَرَّد السُّلوك في عكس التّيَّار.
- ما هو الحقّ إذًا؟ كيف نُعرِّفُه أو نحدِّدُه؟ هل ورد ذِكرُه في الكتاب المقدّس؟
الحقّ في اللّغة: هو الثَّابت الَّذي لا يسوغ إنكاره.
في الكتاب المقدَّس، نستنتج أنَّه ليس الحقّ الإنجيليّ أن تكون على صواب. ليس الحقُّ موقفًا أو فكرة. الحقّ، كما كشفه الله لنا، شخص. الحقّ هو يسوع! لا بمعنى أنّ ما يقوله يسوع صحيح، بل بمعنى أنّ الحقّ هو سرّ الحضرة الإلهيّة، سرّ حضرة يسوع. لذا، لا نقول عن إنسان، أيّ إنسان، إنجيليًّا، إنّه على حقّ – الحقّ بالمعنى الصَّارم للكلمة – بل نقول إنّه في الحقّ أو إنّ الحقّ فيه، ونريد بذلك أنّه في يسوع أو أنّ يسوع فيه، أنّه يحبّ يسوع ويقيم فيه أو أنّ يسوع يحبّه ويقيم فيه. أنظر “أنا هو الطريق والحـــــقّ والحياة” (يو6:14)، “ونعلم أنّ ابن الله قد جاء وأعطانا بصيرة لنعرف الحقّ. ونحن في الحقّ في ابنه يسوع المسيح. هذا هو الإله الحقّ والحياة الأبديّة” (1 يو 5: 20). “إن قلنا إنّه ليس لنا خطيّة نُضلّ أنفسنا وليس الحقّ فينا” (1 يو 1: 8). وإذا كان يسوع هو الحقّ، فالرُّوح هو الحقّ أيضًا ويشهد (1 يو 5 :6) وفيه نعرف الحقّ.
- كيف نَعرِفُ إذاً الحقّ؟ هل نستطيع أن نحدِّده منطقيًا وأن نُحلِّله فكريًّا؟ كيف نُميّزهُ؟
معرفة الحقّ: في طلبك للحقّ قد تختلط الأمور عليك بين ما هو حقٌّ حقًّا، وبين ما يُزَيَّنُ لكَ أنّه كذلك. أهواؤك، وعدم نقاوتك، أَكُنتَ شخصًا أو جماعة، مؤسَّسةً دُنيويَّةً أو كنيسة في هذا العالم السَّاقط، سوف تلعب دورًا رئيسًا في ضبابيّة الرُّؤية لديك. كيف نعرف إذًا الحق؟ بروح الحقّ وحده نعرف الحقّ وإلاّ لا نعرفه. الحقّ لا يُعرف بالتّحليل الفكريّ والاستدلال المنطقيّ. الكتب، حتَّى الإلهيّة، لا نعرف الحقّ فيها، ولو كانت إيقونة للحقّ، ما لم تُقرأ بروح الحقّ. بغير روح الحقّ نقرأها بروح الضّلال، في الخطيئة. مهما أعملنا العقل وأرهفنا أساليب الفكر في مقاربتنا لها فإنّها لا تأتي بنا إلى الحقّ. وبالعكس إنّ حلّ فينا روح الحقّ فإنّنا نقرأها في الحقّ ولو لم تكن لنا حكمة بشريّة سامية.
إذًا، كيف نُمَيِّز روحَ الحقِّ؟ في الجماعة ومن خلالها.
- هل الذي يسعى إلى الحقّ ويعمل له فيه محبّة؟ هل من تلازمٍ بين الحقّ والمحبّة؟
الحقّ والمحبَّة: إنّ الحقّ لا ينفصل عن المحبّة. إنْ كَسَرَ سَعيُكَ إلى الحَقِّ، المَحبَّةَ فيك، فأنتَ لستَ في الطَّريق القويم، ولستَ على الحقّ. انتبه، آنذاك عليك أن تراجع ذاتك، وتفحصها، بدقّة، على ضوء إنجيل الرَّبّ وتعليمه. يبقى لك أن تَثبُتَ على الحقِّ والمحبّة. قلْ ما تعتقده حقًّا لكن بمحبّة. واصمت حالما تشعر بأثرٍ شرّيرٍ في داخلك، وتوجّه إلى ربّك، في مناجاةً متواضعة، لعلّه يسكب كلمته على فمك، فتكون من الشَّاهدين للحقّ. أمّا شهود الزُّور فاتركهم لربّك، وحُكم التاريخ.
- كخلاصة، رأينا أن الحقّ ليس موقفًا أو فكرة. الحقّ هو يسوع. بروح الحقّ وحده نعرف الحقّ وإلاّ لا نعرفه. الحقّ لا يُعرَف بالتَّحليل الفكريّ والاستدلال المنطقيّ. متلازمٌ هو والمحبّة، لا ينفصلان. كيف على أعضاء الفرقة الَّتي تكلَّمنا عنها سابقًا التَّصرُّف إذًا؟
إنَّ حركة الشبيبة الأرثوذكسية مدعوّة لتبنّي المطالب الشعبيّة المحقّة خصوصًا مطالب الفقراء، وإيجاد آليّات دعم لهم ومساعدتهم ضمن إمكاناتها، وذلك من دون أخذ طرف في أيّ تحرُّكٍ ممكن أن يكون خلافيًّا في المنحى السّياسيّ بين أبنائها الّذين لديهم توجّهات حزبيّة أو سياسيّة، حتّى لا يدخل هكذا خلاف بين الإخوة في أيّ فرع كان ويفسد المطلوب الّذي هو واحد (أنظُر لوقا 10 :41-42). حدود الحركة تكون بالسّعي لنشر روحِ الحقّ بين أبنائها حتّى يعرفوا الحقّ الّذي هو الرّبّ يسوع، من خلال العمل على أن تكون لكلّ حركيّ حياةٌ روحيّةٌ، أي حياةٌ شخصيّةٌ في المسيح، لها أبعادٌ إجتماعيّةٌ مترجَمةٌ بعملٍ اجتماعيٍّ مُطَعّمٍ بروح المحبّة، منبثقٍ من علاقة الحركيّ بالرّبّ يسوع ومحبّته له، من دون الدّخول في زواريب السّياسة اللّبنانية وأحزابها، بانتظار أن يتغيّر الفكر السّياسيّ والحزبيّ في لبنان ويبتعد عن ذكريات القتل والحقد والعداوات الجذريّة وأن يرتقي إلى ما هو أرفع، كما في بعض الدّول المتطوّرة.
المستند الثّاني:
1- هل هناك فرق بين “الجماعة المسيحيَّة”[1] وبين مجموعةٍ أخرى؟
ما يُميّز الجماعة المسيحيَّة عن مجموعةٍ أُخرَى هو أنّ أعضاءها مُتِّحِدونَ بِبَعضِهم البعض، عبر اتّحادهم بالرَّبِّ، وذلك يتحقَّقُ من خلال مشاركتهم في الأسرار الإلهيّة، ولا سيّما سرّ الشُّكر.
2- ما هي خصائص الجماعة؟
الجماعة هي مكان الإنتماء[2] | الجماعة مكان للشّفاء والنُّموّ |
الجماعة مكان للإنفتاح على الآخَر، كُلّ آخَر | الجماعة مكان للمسامحة |
الجماعة مكان للمحبّة المُتبادَلة | الجماعة مكان لممارسة العطايا (المواهب) |
الجماعة مكان شركة وتعاون | الجماعة مُصلِّية |
3- كيف السَّبيل برأيك لحلّ التوتّر ضمن الجماعة؟
- كلّ توتّر يضع الجماعة وكلّ واحدٍ فيها أمام فقره وعجزه وإرهاقه وعدوانيّته وسلوكه الكئيب. ويمكن للحظات التوتّر أن تكون هامّة، فهي لحظات وعي أنّ كنز الجماعة في خطر.
- فتجبرهم التوتّرات على العودة إلى واقع فقرهم، وتكريس وقتٍ أكبر للصّلاة والحوار الإيجابيّ، وبذل جهدٍ صبورٍ للتغلّب على الأزمة واستعادة الوحدة المفقودة.
- إنّها تُفهِمُهم أنّ الجماعة أكثر من واقع بشريّ، وأنّها تحتاج إلى روح الله لتحيا وتتعمّق.
- الجماعة مكانٌ للمسامحة. فعلى الرّغم من ثقتنا الكبيرة ببعضنا بعضًا، ثمةّ على الدّوام كلماتٌ تجرح وسلوكٌ يدفعنا إلى الاحتجاج، ومواقف تصطدم فيها الحساسيّات. لهذا يتضمّن العيش معًا صليبًا وجهدًا مستمرَّين، وقبولًا هو مسامحة متبادلة في كلّ يوم. إن دخلنا في جماعةٍ من دون أن نعرف أنّنا ندخل فيها لنتعلّم كيف نسامح وننال المسامحة سبعين مرّة سبع مرّات أصبنا سريعًا بخيبة الأمل.
– لا يمكننا أن نقبل الآخرين كما هم، وأن نسامحهم، إلّا حين نكتشف أنّ الله يقبلنا حقًّا كما نحن ويسامحنا.
- لا تكون الجماعة جسدًا حقّاً، إلّا إذا كانت غالبيّة أعضائها في صدد العبور من “الجماعة لأجلي أنا” إلى الـ “أنا من أجل الجماعة”. (التّشديد على مفهوم البذل في الحبّ).
4- هل تَحُدّ الجماعة من حرّيّة الشَّخص؟
الحُرَّيَّة والمحبَّة متلازمتان، كما أنّ الحُرَّيَّة وَالحَقَّ مُتلازِمان. “إِنْ ثَبَتُّمْ فِي كَلاَمِي فَبِالْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ تَلاَمِيذِي، وَتَعْرِفُونَ الْحَقَّ، وَالْحَقُّ يُحَرِّرُكُمْ” (يو8: 31-32). مَتَى سَلَكنا في كَلامِ الله، أَي في المَحَبَّة، نَعرِفُ الحَقَّ، الَّذِي هُوَ شَخصُ الرَّبِّ يَسُوع، وَهُوَ يَمنَحُنا الحُرِّيَّةَ الحَقّ. لذلك، في سعيِنا لإبراز الحقّ، علينا أن نتيقَّظ، عَلى الدَّوام، لئلّا نكسر محبَّتنا للآخَر، وإلّا استحالَ ما نَظُنُّه حقًّا إلى باطلٍ.
متى كانتِ الجماعةُ على قلبِ الله، فإنّ الخلاف بين أعضائها يجب أن يكون خِلافًا في التَّعبير فقط، لا في المبدأ. وَهَذا الاختِلافُ بِامكانِهِ أن يكون، بِحدِّ ذاته، مصدرًا للغِنى.
وَحدةُ الجماعةُ هِي ما يَجبُ أن يكونَ الهَمَّ الأوَّل لدى الجميع، وِبالتَّالي، على كلِّ شخصٍ إمّا أن يتخلَّى عن رأيهِ المُخالِفِ لِقرار الجماعة، إذا ما كان يُشكِّلُ تهديدًا لوحدة هذه الجماعة، أو أن يُعبِّر عن رأيهِ بمحبَّةٍ وحكمةٍ، مُحتَرَمًا آراءَ الآخَرين ومُبديًا طاعته لِقرار الجماعة في كلّ حال. كَما أنَّ عَلى الجَماعة أن تَسعى إلى حِفظِ نَفسِها في الأمانةِ لله وَأن تُحافِظَ بِالأكثر على نكهة المسيح فيها.
خاصّ بالمُرشِد (للاستزادة في حال الحاجة):
– أَلا يستطيع الشَّخص أن يتصرّف حسب قناعاته، بالإستقلال عن الجماعة؟.
إنَّ كُلَّ شَخصٍ “يستطيع” أن يَتَصَرَّفَ بِالطَّريقةِ الَّتِي يَراها مُناسِبةً، فَكُلُّ الأشياءِ تَحلُّ لَهُ، لَكن، هَل كُلُّ الأشياءِ تُوافِق!؟ (أُنظر 1كور6: 12). إنَّ الشَّخصَ، مَتى كان عُضوًا في جَماعةٍ مُعَيَّنةٍ، عَلَيهِ أَن يَجعَلَ الجَماعَةَ في المَقام الأوَّلِ، قَبل نَفسِهِ حَتَّى! وَأَن يَسعى جاهِدًا لِأن يَصونَ وَحدتَها ويَحفَظَها مِن أيِّ تشرذُم. فَوَحدة الجماعةِ يَنبَغِي أن تكونَ هَمَّهُ، وَأيضًا، مُرتَكَزَهُ في بناءِ قناعاتِهِ وَقراراتِه.
مِن جِهةٍ أُخرى، مَتى وَجَدَ الشَّخصُ قناعَتَهُ غَيرَ مُنسجمةٍ معَ رأي الجماعةِ، وَأَنَّهُ، إيمانيًّا، بحاجةٍ إلى التَّعبيرِ عَمَّا يُفَكِّرُ بِه، يَنبَغي عَلَيهِ أن يَتَنَبَّهَ لِئَلَّا تَنحَرِفَ نِيَّتُهُ عَنِ المَحَبَّة وَالأمانَةِ لِلجَماعة الَّتِي يَنتَمِي إليها، وَأَن يَتَيَقَّظَ لِئَلَّا يأتِيَ تَعبيرُهُ جارِحًا أو مُؤذِيًا لِهذه الجَماعة.
– كَيفَ نُحَدِّدُ ما إذا كانت الجَماعَةُ عَلى خَطأ؟.
كلمةُ الرَّبِّ (الإنجيل) هِيَ المِعيارُ دائمًا. الجماعَةُ لا تُخطِئُ طالما أنَّها تُحافظُ عَلى رُوحِ الرَّبِّ فِيها، مِن خِلالِ عَيشِها وَصايا الرَّبِّ، ولا سِيَّما وَصيَّة المحبَّة. مِن هُنا، عَلى الجَماعَةِ الجهادُ الدَّائمُ في سبيلِ حِفظِ نَفسِها في الأمانَةِ لله. أَمَّا إن حَصَلَ أن وَجَدَ شَخصٌ مُعَيَّنٌ أنَّ الجَماعةَ أخطأت فِي موقفٍ مُعَيَّنٍ، حائِدَةً عَن رُوحِ الإنجِيلِ، فَبإمكانِهِ أن يُوصِلَ صَوتَهُ بِمَحَبَّةِ وَغَيرةٍ، بِالطُّرُق الأنسَب الَّتِي لا تَبتَغِي التَّجرِيحَ وَلا الإدانة، لِكَي يَتِمَّ تَقويمُ المَوقِفِ، لِما فيه خَيرُ الشَّخصِ وَالجماعة. وَمَع العِلمِ أنَّ هَذا الجَوابُ عامٌّ جدًّا، يَبقَى أنَّ كُلَّ حالَةٍ يَنبَغي أن تُدرَسَ عَلى حِدَة.
المستند الثَّالث:
ترجمة: ” إذا لم يبدأ الإنسان بالعمل على نفسه فالشّيطان سوف يجد له عملًا آخر، أن يبحث عن عيوب الآخَرين“ – القدّيس بايسيوس الآثوسيّ.
- ماذا يقصد القدّيس بعبارة “العمل على نفسه”؟
أن يسعى إلى معرفة ضعفاته وأنْ يُحَاوِل النُّهوض بنفسه من خلال ضبط أهوائه واقتناء الفضائل الحسنة. (السَّعي إلى جهادٍ روحيٍّ صادق)
- هل يعني هذا القول عدم مساعدة الآخرين على رؤية عيوبهم ومعالجتها أو تصحيح أخطائهم؟
كلّا، لا يعني هذا. علينا أن لا ندين إخوتنا تطبيقًا للقول الإنجيليّ: “لا تَدينوا كي لا تُدانوا” (مت7: 1). مساعدة الآخرين على رؤية عيوبهم ومعالجتها أمرٌ حسنٌ، ولكن، لا يستطيع أن يقوم به إلَّا مَنْ يتمتَّع بيقظة روحيَّةٍ وتمييز عميقٍ (لا يستطيع أعمًى أن يقود أعمًى آخر)، على أن يتمّ بروح الوداعة. كلام الرَّسول بولس في هذا الإطار واضحٌ في رسالته الى أهل غلاطية: “أيُّها الإخوة إن انسَبَقَ إنسان فأُخِذَ في زلَّةٍ ما فاصلحوا أنتم الرُّوحيّين مثل هذا بروح الوداعة ناظرًا إلى نفسك لئلّا تُجَرَّب أنت أيضًا.”(غل6 : 1).
- هل تذكرون صلاة التَّوبة للقدِّيس أفرام السُّريانيّ؟
“أيُّها الرَّبُّ وسَيّد حياتي اعتِقني من روح البطالة والفضول، وحبّ الرّئاسة والكلام البطّال.
وأنعم عليَّ أنا عبدك الخاطئ بروح العفّة واتّضاع الفكر والصَّبر والمحبّة.
نعم، يا ملكي وإلهي هَبْ لي أن أعرِفَ ذُنُوبي وعيوبي وألَّا أدين إخوتي،
فإنَّك مباركٌ إلى الأبد، آمين”.
هي صلاةٌ أساسيَّة من خدمة صلاة النّوم الكبرى، الَّتي تُقام في فترة الصّوم الأربعينيّ المقدَّس وَتترافق مع سجدات كبيرة.
- هل تجدون ترابطًا بين القول السَّابق للقدّيس بايسييوس وهذه الصّلاة؟
- الإقرار بالضَّعف (روح البطالة – الفضول- حُبّ الرّئاسة – الكلام البطَّال).
- الإلتفات إلى النَّفس لمحاولة معرفة العيوب.
- عدم إدانة الآخرين (المؤمن يرى نفسه أصغر من الكلّ).
المراجع:
- المتروبوليت سابا اسبر، قُل الحَقَّ بمحبَّة، على درب الخَلاص (مقالات 2016) – أُنظُر المُلحَق
- الارشمندريت توما بيطار، الحقّ، نقاط على الحروف، http://holytrinityfamily.org/
- الارشمندريت توما بيطار، المؤامرة مستمرّة، نقاط على الحروف، http://holytrinityfamily.org/
- جان فانييه – الجماعة فصحٌ وعيد
[1] – تحديد الجماعة: مَن هي الجماعة؟
يتكلّم القدّيس بولس على الكنيسة، جماعة المؤمنين، ويشبّهها بجسد تؤلّفه أعضاء مختلفة، ورأسه هو المسيح. كلّ جماعة هي جسد، وكلّنا ننتمي إلى بعضنا بعضًا. وهذا الانتماء لا يتحقّق إلَّا في المسيح، بنعمة الرُّوح القدس. نحن مدعوّون، كلّ واحد شخصيًّا، إلى أن نعيش معًا، أن ننتمي إلى الجماعة نفسها وإلى الجسد نفسه، عبر الاتِّحاد، أوّلًا، بالرَّبِّ يسوع، وتاليًا بجميع أعضاء الجماعة، في سرِّ الافخارستيّا المقدَّس. وهذه الدّعوة هي أساس قرارنا في أن يلتزم واحدنا بالآخرين، وأن يلتزم هو شخصيًّا لأجلهم، ويصير مسؤولًا عنهم. “فكما أنّ لنا أعضاءً كثيرة في جسد واحد، وليس لجميع هذه الأعضاء عمل واحد، فكذلك نحن في كثرتنا جسد واحد في المسيح لأنّنا أعضاء بعضنا لبعض” (رومية 12: 4-5)
[2] – الجماعة مكانٌ للانتماء، مكانٌ نجد فيه أرضنا وهويّتنا.
وأقول لِـ “لا شعبي”: “أنت شعبي”، وهو يقول لي: “أنت إلهي”. (هوشع2: 23). تعني عبارة “شعبي” أنّهم لي كما أنا لهم. جميعنا متّحدون. ما يمسّهم يمسّني. ولا تقتضي عبارة “شعبي” أنّ هناك آخرين أرفضهم . لا. “شعبي” هو جماعتي الّتي يؤلّفها الّذين يعرفونني ويحملونني. ويمكنه، بل عليه، أن يكون نقطة انطلاق نحو الإنسانيّة جمعاء. لا يمكنني أن أكون أخًا شامِلًا إن لم أحبّ “شعبي” أوّلًا.