تحدّيات اللاهوت الأرثوذكسيّ في القرن الحادي والعشرين – المطران كاليستوس وير

د.جورج معلولي Tuesday June 30, 2020 1464

“ما هي الكنيسة؟” هذا كان السؤال المركزيّ للاهوت الأرثوذكسيّ في القرن العشرين. أمّا الإشكاليّة التي يتوقّع المطران كاليستوس وير أن تحرّك القرن الواحد والعشرين في البحث اللاهوتيّ فهي:”من هو الإنسان؟”

ظروف متعدّدة تفسّر هذا التوجّه. يعاني الشخص اليوم خطر الذوبان في المدن الكبرى وفي المجتمعات الكثيرة التعقيد. إعادة التأكيد على فرادة كلّ شخصٍ وقيمتِه غيرِ المحدودة واجبٌ أساسٌ على الجماعة المؤمنة التي يستقطبها قول كتاب الرؤيا:”مَنْ لَهُ أُذُنٌ، فَليَسمَعْ ما يَقُولُهُ الرُّوحُ لِلكَنائِسِ. مَنْ يَنتَصِرُ، أُعطيهِ مِنَ المَنِّ المَخفِيِّ، وَأُعطيهِ حَصاةً بَيضاءَ مَكتُوبٌ عَلَيها اسْمٌ جَديدٌ لا يَعرِفُهُ إلّا مَنْ يَأخذُ الحَصاة”(رؤ 2 : 17). في كلّ شخصٍ كنزٌ مخفيٌّ غير معطًى لأحد آخر. في زمن تسيطر عليه الآلات، نحن مدعوون إلى أن نعيد إلى النور لقاء الوجوه. فحين أواجه الآخرين وتلتقي العيون أدخل في حوار وأكتشف نفسي شخصًا حقًّا. لقد فرضت التكنولوجيّات الوراثيّة والطبيّة الحديثة، تساؤلاتٍ جديدة لم تكن مطروحة حول الحبّ والجنس والزواج وطبيعة الإنسان. لن نستطيع مواجهة هذه التحدّيات إلّا إذا أعدنا اكتشاف سرّ الشخص في تراثنا بطريقة شجاعة وخلّاقة. أزمة الإنسان هي أزمة قلبه وهويته وعلاقته بالإنسان الآخر، وبالأرض التي صار متغرِّبًا عنها.

من أنا؟ الجواب ليس بديهيًّا أبدًا. كلُّ شخص سرٌّ بالنسبة إلى نفسه وإلى الآخرين. يكشف التراث الأورثوذكسيّ أنّ سبب عدم قابليّة الشخص للاختزال هو أنّه مخلوق على صورة الله غيرِ المُدْرَك.

اللاهوت التنزيهيّ يقودنا هنا لا محالة إلى أنتروبولوجيا تنزيهيّة.

فالإنسان أيقونةٌ حيّة للإله الحيّ، صورة مخلوقة عن الخالق غير المحصور. لذلك هو خلّاقٌ وحرّ.

التأكيدُ على الإنسانيّة، وعلى كرامة الشخص هو تأكيد لمجد الله؛ أمّا نفي الله ونكرانه فهو نكران لكرامة الإنسان. الله هو المركز العميق الذي تتمحور حوله طبيعتنا، ومن دونه ليس الإنسان إنسانًا. لذلك لمّا سُئِلَ الأب القدّيس صفروني:”قل لي: من هو الله؟” أجاب بإيجاز:”هل تستطيع أوّلًا أن تقول لي من هو الإنسان؟”. قلب الإنسان هو المرآة التي يتجلّى فيها الله. والله هو النموذج الذي تتطلّع إليه طبيعتنا بشوق ولهب سرّيّين.

في هذه التساؤلات يقودنا المطران كاليستوس وير بطريقته المعهودة الشيّقة الى آفاق واسعة

في كتيّب صغير الحجم سهل القراءة.

د.جورج معلولي

125 Shares
125 Shares
Tweet
Share125