أنتم نور العالم

Ghada Ghazoule Saturday July 18, 2020 1449

وضعت الكنيسة المقدّسة هذا المقطع الإنجيليّ الذي يبدأ ب” أنتم نور العالم” في هذا الأحد، أحد آباء المجمع المسكونيّ الرابع، لما لهذه الكلمات من إشارة واضحة في فهم وتعليم الكلمة الإلهيّة مقابل الهرطقة التي تحرّف الإيمان. وبهذا تشهد الكنيسة لهؤلاء الآباء الذين أناروا المسكونة باستقامة تعاليمهم وقداسة حياتهم.

فالكلمة الإلهيّة هي لغة حوار إلهيّ، وفهمها يكون في كيفيّة تلقي الإنسان لها وتفعيلها في حياته، بالروح القدس روح الحق والفهم. وهذا ما يجعلنا في توبةٍ مستمرّة ودائمة.

قال لنا الرب: أنا نور العالم. كما دعانا لكي نكون نور العالم. فكما أنّ الشمس والقمر كلاهما ينيران الكون، لكنّ الشمس نورها نابع منها وأمّا القمر فنوره مكتسب من الشمس. كذلك فإنّ نور المؤمن ليس من ذاته بل هو مكتسب من الرب. وهذا النور المكتسب من الربّ يضيء أمام الناس الذي يحتكّون به فيكون سببًا ودافعًا للآخرين لكي يمجّدوا الآب من خلال أعمالهم الصالحة، ومواقفهم المسيحيّة الحقّة.

العالم يحتاج إلى النور، والمطلوب من أولاد الله أن يكونوا نورًا للعالم أي انعكاسًا للمسيح النور الحقيقيّ. المؤمن هو الذي يريد أن يتشبّه بالذي أحبّنا. هذه هي دعوة الرب يسوع الذي هو النور الحقيقي.

في الكتاب المقدّس، كلّ دعوة ترتبط بمهمّة في خدمة خلاص البشر المدعوّين للمشاركة في حياة الله نفسه.

ترتبط صورة نور العالم بصورة المدينة المبنيّة على جبلٍ عالٍ فلا يخفيها شيء عن الأنظار. في الكتاب المقدّس، هذه المدينة هي أورشليم التي عليها يشرق مجد الرب. وكذلك ترتبط صورة نور العالم بمصباح النور الذي لا نستطيع أن نحجبه بل نضعه على المنارة، على مكان عالٍ وظاهر ليراه الجميع ويضيء للذين في البيت. فالمؤمن الذي تشبّه بالمسيح نور العالم، وأصبح انعكاسًا له، مهما حاول إخفاء فضائله فإنّها ستنكشف أكثر إذ يشتدّ نور المسيح في حياته من خلال فضيلة التواضع، فيستطيع بذلك أن ينير مدينة بأكملها. هذه الدعوة مرتبطة بأن تكون الكنيسة منظورة لكي تجذب البعيدين من خلال عيش أعضائها للإنجيل المنير:قسِّمْ خبزك… لا تتوارَ عن أخيك… حينئذٍ ينبلج كالصبح نورك(أشعياء 58 : 7-8) وهكذا يتمجّد أبونا السماويّ. هذا يفترض العمل في الخفية، والبعد عن التشوّف والاستعلاء.

على التلاميذ أُلقِيَت مَهمّةُ حمل النور الإلهيّ ليجذب الأمم الآتين إلى الحج (أشعياء 2 : 2-5). وهذا النور هو المسيح(يوحنا 8 : 12). وعلى عاتق كلّ مؤمن بالمسيح، ألقيت هذه المسؤوليّة بالكشف والإرشاد والتوجيه والقيادة والعمل الصالح. فالتّقوى المنغلقة على الذات، والتنسّك البارد لا يدلّان على طبيعة إيماننا المسيحيّ.

المؤمن يشهد بفرح نابع من القلب، للمسيح النور الذي قَبِلَهُ لكي يتغلغل في حياته، ويظهر من خلال أعماله الصالحة، وهكذا يكون نورًا للآخرين لكي يمجّدوا أبانا السماويّ.

غادة غزول

123 Shares
123 Shares
Tweet
Share123