فـي الأمانة

mjoa Saturday July 25, 2020 162

«أجاب يسوع الفرّيسيّين وقال لهم من أجل قساوة قلوبكم كتب لكم (موسى) هذه الوصيّة (أنّ تُطلّق المرأة بأنْ يكتب كتاب طلاق) ولكن من بدء الخليقة ذكرًا وأنثى خلقهما اللَّه. من أجل هذا يترك الرجل أباه وأُمّه ويلتصق بإمرأته فيكون الاثنان جسدًا واحدًا. إذًا ليسا بعد اثنين بل جسد واحد» (مرقس ١٠: ٢- ١٢).
نلاحظ، أوّلاً، أنّ يسوع في جوابه يوحي، إذا جاز القول، ما وراء الكتاب، بأنّ هناك مثل بنية تحتيّة لأقوال الكتاب… وتاليًا ينبغي عندما نُطالعه أن نبحث أحيانًا عن الدافع العميق لأقوال اللَّه. فلا نتوقّف عند «قال الكتاب» بل نتوغّل إلى «ماذا قال الكتاب».
أمّا في مقطع الإنجيل أعلاه فيبدو جليًّا أنّ الداعي العميق إلى عدم الطلاق هو الأمانة المتبادلة بين الرجل وامرأته. فالطلاق خطيئة ضدّ الأمانة أوّلاً. وهذه الأمانة ناجمة عن مبدأ كيانيّ أساسيّ يمتّ إلى أساس الخلق: «من بدء الخليقة ذكرًا وأنثى خلقهما». ولذلك «يترك الرجل أباه وأُمّه ويلتصق بامرأته». ولذلك «ليسا بعد اثنين بل جسد واحد». فهذه، إذًا، هي (في هذا المجال) غاية الخلق، هذه هي مشيئة اللَّه.
فعلى الزوجين اللذين اقترنا، حسب مشيئة اللَّه، اقترانًا يمكن القول إنّه نذر، أن يُطبّق قول داود النبيّ في المزامير: «لكي أوفي نذوري يومًا فيومًا» (مزمور ٦٠: ٨)… أي إلى ما لا نهاية… بلا طلاق.
استطرادًا من المفيد أن نتناول موضوع اعترافات المعترفين من هذه الزاوية، فنرى كيف تفسّر حالة المعترف الروحيّة في أكثر الأحيان ببنية حياته التحتيّة:
– يأتي المعترف (أو المعترفة) ويقول للكاهن إنّه في حالة من الفتور والضياع واليأس، فيُسأل هل هو يصلّي؟ هل يطالع الكتاب المقدّس؟ هل يتبع نظامًا روحيًّا يوميًّا؟ فيجيب كلاّ.
– وآخر يكون بالعكس في سلام وانتظام وثبات، في أمانة حلوة للربّ. فيُسأل أيضًا هل تصلّي وتطالع وتتلو المزامير وتسجد وما إلى ذلك، بكلمة واحدة هل أنت أمين؟ فيقول نعم… وللَّه الحمد.
فلنتّعظ.

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share