صاحب الغبطة البطريرك اغناطيوس الرابع ، بطريرك انطاكية و سائر المشرق ،
السادة المطارنة أعضاء المجمع الانطاكي المقدّس ،
أعضاء السلك الدبلوماسي الموقّرين ،
قدس الآباء الأجلاء
إخوتي الأحبّاء،
السادة المطارنة أعضاء المجمع الانطاكي المقدّس ،
أعضاء السلك الدبلوماسي الموقّرين ،
قدس الآباء الأجلاء
إخوتي الأحبّاء،
كلمة واجبة ، كلمة شكر، كلمة رجاء.
راهب يصبح رئيس كهنة ، لما هذا الأمر و كيف كان ذلك ؟ سرّ خفيّ يكشفه الروح الإلهي وحده.
العبارة الواردة على لسان صاحب الغبطة تتردّد في ذاكرتي :” كلّ أرثوذكسي حق هو راهب أينما وُجد في العالم “. أهذا يعود الى انتمائه للله أم يعود الى سلوكه العملي الأخلاقي؟ الأمر هذا يبقى موضوع تأمّل عميق. بنية الإنسان الداخلية هي الأساس.
أيّها الأحباء، شعبنا الكريم يحبّ الغناء والطرب و يحب كلام الخطابة. و الكلام لا يفي دائماً بمضمونه إذ يبقى شعراً غنائيّاً. و لكن ما الفرق بين الكلام الشعري و الكلام الملهم من الله؟
يأتي حسّ داخليّ عميق من الروح الإلهي النازل الى القلب من علُ. هذا الحسّ يفعل في الكيان كلّه حتى أطراف الحواس و يُطلق الانسان الى الآخرين ، يُقرن الكلام بالفعل. يأتي من الله، و يعبر هذا القلب اللّحمي لينطلق الى الآخر.
و هنا أتساءل لماذا جئت يا أخي؟ ترى ما هي رسالتك؟ ماذا تطلب منك الكنيسة اليوم أنت الحقير و الضعيف؟
“لم يأتِ ابن البشر ليُخدم بل ليخدم و ليبذل نفسه فدية عن كثيرين” (مت 20: 28) .جئت إذاً لأخدم كنيستي أولاً و العالم كلّه، أعني كلّ إنسان أجده في طريقي. أخدم و أبذل نفسي حتى الموت، حتى لا يبقى اتساع بين القول و العمل، حتى لا يعود الشعب يقول “هناك هوة بيننا و بين الرؤساء”، فيُروّج الخبر أن الكنيسة بعيدة عن شعبها. أعرف تماماً أن شعبنا طيّب، يريد منا اليوم أن نذهب إليه، أن نبحث عنه أينما وُجد، أن نفتّش عن الضال و نعود به إلى الحظيرة و نحن فرحون. و هو جائع عطش الى كلمة الله.
كنيستنا كنيسة بشارية. فلنستعد هذا التقليد. هذه أمانة في عنقنا. “ويلي أنا إن لم أبشّر” يقول الرسول. و البشارة، حسب رأي العارفين بأحوال عالم اليوم، هي عودة الانسان الى الله تاركاً خلفه شهواته و ملذّاته و أنانيّته. كنيستنا الانطاكية لها رسالة فريدة مميّزة عليها أن تؤدّيها وتحملها إلى كلّ الأرض، الى كلّ إنسان.
أيّها الأحبّاء، الأرض التي ندوسها أرض مقدّسة، وترابها مجبول بدماء الشهداء و القدّيسين. “فلنفتدِ الوقت لأن الأيام شرّيرة” (أف 16:5).
أيّها الأحبّاء، الأرض التي ندوسها أرض مقدّسة، وترابها مجبول بدماء الشهداء و القدّيسين. “فلنفتدِ الوقت لأن الأيام شرّيرة” (أف 16:5).
لنستغلّنّ الفرصة المعطاة لنا قبل فوات الأوان. ساعدوني يا محبّي الله حتى لا أغرق في هموم الحياة، في غناها وملذّاتها، فيخنقنا شوقها،الشكليات و الاحتفالات و المآدب العالمية ، أرجوكم ساعدوني لأني بدونكم لست شيئاً. لقد قيل على لسان أحد رؤساء الكهنة “ان الرب مزمع أن يموت عن الأمة، و ليس عن الأمة فقط، بل ليجمع أبناء الله المتفرقين إلى واحد” (يو 11: 51 – 52).
نعم، أن يموت ليحيا الآخرون ،لأن الخدمة عبودية للله و للآخرين، عبودية محبة فيها الحرية الحقيقية.
و لا أنسى دعاء صاحب الغبطة و ثقته اللذين سوف يرافقانني و يعزّيانني و يقوّيانني مدى حياتي، ولا صلوات السادة المطارنة جميعاً دون أي استثناء. و لا أنسى الآباء الكهنة الذين يجاهدون معي و الذين سوف أستند إليهم بصورة خاصة. و لا أنسى صلوات إخوتي الرهبان والراهبات وجميع المؤمنين و بخاصة الآباء الروحيين في البلمند و في الجبل المقدّس آثوس، الذين ولدوني في المسيح، و الأبناء الروحيين، و وطني، و الدير، دير مار مخايل و رهبانه، مع قريته الحبيبة نهر بقعاتا، الذين جعلوني أتذوّق لذّة حياة الشّركة الحقيقية.
لن أنسى واجبي: رعاية هذا الجيل الجديد من الشباب الطالع بالقربى و المحبة “لأنّ المحبة لا تسقط أبداً” (1كو13: 8). هذا حتى لا يغرقوا في شهوات ومغريات هذا الدهر و سمومه. لن أنسى، أخيراً لا آخراً، إخوتي الفقراء، هؤلاء الصغار، فإنّي ملزم بحنان الله تجاههم حتى لا أُد ان لعدم محبتهم.
أشكركم جميعاً على تعبكم و على محبّتكم. أشكر الله على كلّ شيء. آمين.
ملاحظة: بإمكانكم مطالعة كلمة سيادة المطران أفرام كرياكوس باللغة الفرنسية.