الميناء في ١٨ تموز ٢٠٢١
إخوتي أعضاء حركة الشبيبة الأرثوذكسية.
سلامٌ لكم بربّنا يسوع المسيح فادينا.
في غُمرة ما يحوط ببلدنا من ظروف قد تكون الأقسى في تاريخه الحديث، وفي ذروة ما نُعانيه، نحن والمواطنين، على صُعد الحياة المختلفة، وما آل بنا إليه الفساد السياسيّ والمجتمعيّ وإشباك معظم المسؤولين والقادة السياسيين لمصالحهم الخاصة بالمصالح العامّة، ووسط الحصارات الظالمة التي تزيد من صعوبات الاوضاع التي نعيش ولا تُصيب في شظاياها غيرَ الضعفاء والفقراء والمرضى والمحتاجين، دون ان تُعير العدالة شأنًا، وفي ظلّ الانقسامات والاحقاد وتفاقم ظاهرة الهجرة، أراني أذكّر نفسي، وأذكّركم جميعًا، بما منه نستمدّ الرجاءَ وسط أفول الأمل، وبه نكتسب قوّة نهوض وسطَ هول السقوط. وهوَ أنَّنا يا إخوة، ورغم كلّ ما يحوط بنا، نبقى نحن الأغنياء، كبشر، بعشقِ الربّ ووعده لنا. وهو العشق الذي وهبَنا أثمن العطايا، سبيل اللاموت، ورسمَنا جماعةً خاصّةً بالمسيح، من محبّته تغتذي، وبفرحِ فدائه تنمو. “قَدْ كَلَّمْتُكُمْ بِهذَا لِيَكُونَ لَكُمْ فِيَّ سَلاَمٌ. فِي الْعَالَمِ سَيَكُونُ لَكُمْ ضِيقٌ، وَلكِنْ ثِقُوا: أَنَا قَدْ غَلَبْتُ الْعَالَمَ».” (يو 16: 33).لذلك فالله يشخص، في الأزمات والصعوبات، إلى ان نتمايز بكلّ تصرّف وموقف وتوجّه لنا ونتألّق بالرجاء.
والرجاء، اليوم، ألا تغلب فرديتُنا انسانيتَنا، وألا يَضمُر وعينا لتكليفنا الشهادي بمَن يحوط بنا ومسؤوليتنا عن كلّ مُقيمٍ في عيوننا. الرجاء ألا تُثنينا شدّةٌ عن تخلّ وتعاضد وشراكة بها نستحق هويّة الأبناء، وألا يُرهبنا افقارٌ عن التشبّث بقوّة الحقّ للثبات في الموقف الشاهدِ المنادي بالحقّ ومساءلة كلّ ظالم ومرتكبٍ وناهبٍ ومستبيحٍ لحياة الناس وحقوقهم. الرجاء ألا تُعمي بصائرَنا تبعيةٌ ويرمينا ولاءٌ في مجاراة منتفعين من وجعِ البشر. الرجاء ألا نترفّع عن شؤون الحياة ونفصل بين السماء والارض، ونُبطل فعل التجسّد في التاريخ، ومعه كوننا جماعةً رسولية مطبوعةً بنُصرة من في معاناتهم يبرز ظلمُ البشر وفيهم تتجلّى رفقةُ المسيح. الرجاء أن نرتقي في كلّ حضور وموقف ورأي الى ما يتوافق وكوننا أبناء، فلا تنطق افواهنا، أو تخطّ أقلامنا، ما يشمئز ّ منه الهنا. والرجاء ألا نستسهل إفراغ الوطن من أثر الأبناء وإنْ شُرّعت لبعضنا الأسباب. فيبقى شأن الوطن، وهذا الشرق، شأنًا متصدّرًا في ضمائرنا، مكانًا موطئًا لقدميّ مسيحنا وموقعًا شاءَه الله، شعبًا وأرضًا، ساحةً لفعل محبّتنا ولاعلان فدائه طريقَ خلاصٍ للعالم عبرنا، مُذكّرًا يا أحبّة في هذا السياق أن الأزمات، في معظمها، هي انعكاسٌ لمدى وعينا والتزامنا وسلوكنا بما يخدم الوطن، كمواطنين، ومن صُنعِ مَن انتدبناهم وأوكلناهم بأمورنا.
فالرجاء أن يكون اليوم هو الوقت الذي يبرز فيه كوننا في العالم، دون أن نكون منه. فنكون فيه دونَ أن يعترينا ما نشهده من عداءٍ وكرهٍ وحقد ومرواغة ونهبٍ وكذب ونفاق وتحزّبات وعصبيات وأنانيات. نكون فيه بسلام المسيح وحدّة ثورته على خطيئة البشر وظلمهم، في آن، ناشدين بإصرارٍ العدالة والحقّ هنا، والان، وكلّ ما يصير بالأرض أقرب الى السماء، واليوم قبل الغد.
مع محبّتي.
الأمين العام