هو أوّل من تولّدت لديه الفكرة العام ألف وتسعمائة وواحد وأربعين 1941، مع جورج خضر، تراسلا وفكّرا وخطّطا، فولدت الحركة ونمت وتوسّعت معهما. وإذ نعيّد نحن اليوم لذكرى التأسيس التاسعة والخمسين، نلقاه هو يعيّد للذكرى الستّين.
أمضى قسماً كبيراً من حياته في الأمانة العامّة، حاملاً الكنيسة في قلبه، حتّى أصبحت رفيقته الدائمة وأمسى همّها همّه أنّى ذهب ومهما فعل. فكان من مرافقي مجلس الكنائس العالميّ، وأحد ممثّلي الكنيسة الأنطاكيّة في لجانه واجتماعاته.
مستشار وفد البطريركيّة الأنطاكيّة لدى المجمع الأرثوذكسيّ الكبير المقدّس، وممثّلها في العديد من اللجان الحواريّة مع الكنائس المسيحيّة: يشارك في الحوار مع الكنائس المسيحيّة الشرقيّة، مع الكنيسة الكاثوليكيّة، ومع الكنيسة اللوثريّة.
الأستاذ ألبير لحّام، معنا اليوم ليحدّثنا عن واقع العلاقات بين الكنائس المسيحيّة اليوم، وعن هموم الوحدة المسيحيّة ومشاكلها. فما هي الوحدة المرجوّة وما هي شروطها – وأين نحن اليوم من الحوار في الذكرى التاسعة والخمسين لتأسيس حركة الشبيبة الأرثوذكسيّة؟
هذه الأسئلة وغيرها يلقي عليها الضوء الأستاذ ألبير لحّام، ويدعونا إلى الصلاة معاً من أجل أن نبدأ حواراً صادقاً عميقاً ومحبّاً، ومن أجل ألاّ نوصد أبوابنا وقلوبنا في وجه نسائم الروح.
المسيح قام!
لقد أعطانا الله هذه السنة فرحاً فصحياً مضاعفاً إذ احتفل المسيحيّون معاً، على اختلاف مذاهبهم بأوّل عيد لقيامة الربّ في الألف الثالث للمسيح. وكان هذا الفرح صورة مصغّرة ورمزاً للفرح الأكبر الذي يكون في السماء وعلى الأرض يوم يجتمع المسيحيّون في كنيسة المسيح الواحدة الجامعة المقدّسة الرسوليّة ويشتركون في الخبز الإلهيّ الواحد والكأس المقدّسة المشتركة.
وكانت لنا تعزية أخرى بزيارة الشيخ الجليل قداسة البابا يوحنّا بولس الثاني مقتفياً آثار القدّيس بولس الرسول في ديارنا، تائباً مع التائبين من الحجّاج، ومبشّراً بالسلام الأبعدين والأقربين (أفسس 17: 2)، مشيداً بما قدّمته الكنيسة الأنطاكيّة القديمة للعالم المسيحيّ بل للعالم من آباء وقدّيسين ومبشّرين ونسّاك، آسفاً لكون الكرسي الأنطاكيّ قد فقد وحدته عبر العصور، داعياً كنائس أنطاكية إلى المصالحة والتعاون والسير نحو الشركة التامّة – وكأنّه بذلك يريد رأب الانشقاقات التي لم تكن كنيسة رومية غريبة عن معظمها.
والكنيسة الأرثوذكسيّة، كما قال غبطة أبينا البطريرك أغناطيوس الرابع، “تعي بكلّ تواضع أنّ الكنيسة التي أسّسها المسيح ما تزال قائمة بملئها الكامل في الكنيسة الأرثوذكسيّة”، إلا أنّـها تحمل في جسدها جراحات الانشقاقات عبر العصور وتتألّم وتصلّي وتعمل ليكون الجميع واحداً، إذ أنّ من صلب رسالتها أن تجمع أبناء الله المتفرّقين إلى واحد (يوحنّا 11: 52)، حتّى تكون رعيّة واحدة لراعٍ واحد (يوحنّا 10: 16)، هو الراعي الصالح الربّ يسوع، له المجد.
وقد اعتمدت كنيستنا الأرثوذكسيّة الحوار سبيلاً إلى الوحدة المسيحيّة. وكان الحوار غير الرسميّ أوّلاً ثمّ الرسميّ مع الكنائس الشرقيّة القديمة، وكانت كنيسة أنطاكية الأرثوذكسيّة أوّل من دعا إلى الحوار الرسميّ معها في شرقنا في دير البلمند السنة 1972، واستمرّ الحوار بنعمة الله حتّى أسفر عن إعلان شامبيزي قرب جنيف السنة 1990 الذي أكّد اتّفاق العائلتين الشرقيّتين على إيمان واحد بالربّ يسوع، الإله التامّ، الذي صار إنساناً تامّاً في اتّحاد أقنوميّ بلا اختلاط ولا انقسام ولا استحالة ولا انفصال. وجاء هذا الاتّفاق أساساً لمتابعة الحوار بغية الوصول إلى إعادة الشركة التامّة بين العائلتين. ثمّ اتّخذ المجمع المقدّس لكنيسة السريان الأرثوذكس والمجمع الأنطاكيّ المقدّس السنة 1991 على أثر ذلك تدابير رعائيّة تـهدف إلى توثيق العلاقات بين أبناء الكنيستين ورعاتـهما ولاهوتيهما.
أمّا الكنيسة الكاثوليكيّة فقد سعت في الماضي إلى تحقيق الوحدة المسيحيّة عن طريق إنشاء كنائس شرقيّة متّحدة بروما، إلاّ أنّ نتيجة ذلك لم تكن سوى تعميق الانقسامات وإضعاف المسيحيّة الشرقيّة.
والحقّ أنّ الانشقاق الذي حصل السنة 1054 لم ينشئ في حينه كنيستين الواحدة كاثوليكيّة والأخرى أرثوذكسيّة لأنّ الكنيسة الشرقيّة لم تنشئ لها أسقفيّات في الغرب ولا أنشأت الكنيسة الغربيّة أساقفة في الشرق إلى أن جاء الصليبيّون إلى ديارنا وأقاموا بطاركة ومطارنة غربيّين بإزاء البطاركة والأساقفة الشرقيّين فتجسّد بذلك الانشقاق على أرضنا. وبعد اندثار الصليبيّين قامت الإرساليّات الغربيّة تسعى إلى إخضاع أقسام من الكنيسة الأرثوذكسيّة إلى الكنيسة الرومانيّة ونشأ عدد من الكنائس الشرقيّة المتّحدة بروما وعرف هذا الأسلوب في الاتّحاد بالاتّحاديّة (uniatisme).
إلاّ أنّ الأحداث تسارعت في الكنيسة الكاثوليكيّة بعد أن دعا البابا يوحنّا الثالث والعشرون إلى عقد المجمع الفاتيكانيّ الثاني، وكانت من نتيجة المجمع أنّ الكنيسة الكاثوليكيّة بعد أن كانت شجبت الحركة المسكونيّة السنة 1928، اعتمدت الحوار المسكونيّ خطّة لبلوغ الوحدة المسيحيّة.
وكان حوار المحبّة الذي أطلقه المطوّب الذكر البطريرك المسكونيّ أثيناغوراس مع البابا بولس السادس، وكان لقاء القدس بين الحبرين، وكان رفع الحرمات المتبادلة السنة 1054 وتبادل الزيارات والرسائل وقيام البابا بولس السادس في زيارته لكنيسة الحكمة المقدّسة في اسطنبول – وهي الآن متحف – بتقبيل أرض الكنيسة لا بل تقبيل قدمَيّ المطران مليتون الذي كان يرافقه في تلك الزيارة.
وفي السنة 1979 تشكّلت باتّفاق قداسة البابا الحاليّ والبطريرك ديميتريوس المسكونيّ لجنة دوليّة مختلطة للحوار اللاهوتيّ بين الكنيستَين الكاثوليكيّة والأرثوذكسيّة. وحدّدت هذه اللجنة في أوّل اجتماع لها مفهوماً مشتركاً للوحدة التي تسعى إليها وأسلوب الحوار ومقتضياته فقرّرت أنّ “هدف الحوار هو إعادة الوحدة الكاملة بين الكنيستين على أساس وحدة الإيمان وفقاً للخبرة المشتركة وتقليد الكنيسة الأولى. وهذه الوحدة ستجد تعبيرها في الاشتراك في سرّ الشكر (الإفخارستيّا)”. أي أنّ الاشتراك في تناول الأسرار الإلهيّة لن يكون سبيلاً إلى الوحدة، بل سيكون تكريساً للوحدة متى تحقّقت. ورأت اللجنة أنّ من مقتضيات الحوار اللاهوتيّ استمرار حوار المحبّة الذي يساعد على حلّ الصعوبات وأنّ من المفيد إعادة النظر ببعض الأمور الشائكة مثل الاتّحاديّة والاقتناص وسواهما (uniatisme et prosélytisme).
ولا بدّ لنا من أن نتساءل: أين نحن الآن من الوحدة بين الكاثوليك والأرثوذكس؟
- إنّ الحوار اللاهوتيّ بين الكنيستين توقّف أو بالأحرى علّق السنة 1989 قبل أن يتطرّق إلى المسائل الرئيسة المختلف عليها، وذلك بسبب تجدّد الدعاية التبشيريّة الكاثوليكيّة وعمليّات الاقتناص لصالح الروم الكاثوليك واللاتين في أوروبا الشرقيّة بعد سقوط النظام السوفياتيّ. وبلغ التوتّر حدّ العنف في بعض أنحاء أوكرانيا وسلوفاكيا. فأصرّ الفريق الأرثوذكسيّ على أن يركّز الحوار أوّلاً على إيجاد موقف مشترك من مسألة الاتّحادية والاقتناص.
- في ميونخ وفرايسنغ رأت اللجنة المختلطة للحوار السنة 1990 أنّ “المجهود الرامي إلى تحقيق الوحدة عن طريق شقّ بعض الرعايا والمؤمنين الأرثوذكس عن كنيستهم المعروف بالاتّحاديّة، هذا المجهود مرفوض لأنّه مغاير للتقليد المشترك لكنيستينا”. وفي السنة 1993 أصدرت اللجنة الدوليّة المختلطة المجتمعة في دير البلمند البيان المعروف بوثيقة البلمند، وهو يؤكّد أنّ الاتّحاديّة لم تؤدِّ إلى إعادة الوحدة بين مسيحيّي الشرق والغرب بل إلى تفاقم الخلافات، وإنّـها لم تعد مقبولة لا كنهج يجب اتّباعه ولا كشكل للوحدة التي تنشدها كنائسنا، إذ “إنّ الأرثوذكس والكاثوليك باتوا يعتبرون أنفسهم كنائس شقيقة وإنّ الوحدة بينهم ليست استيعاباً أو ذوباناً بل لقاء في الحقيقة والمحبّة”.
- وقد أشاد قداسة البابا يوحنّا بولس الثاني بوثيقة البلمند في البند 60 من رسالته “ليكونوا واحداً”، حيث جاء “أنّ لجنة الحوار قد خطت خطوة هامّة في مسألة الأسلوب الواجب اتّباعه للوصول إلى الشركة التامّة بين الكنيستة الكاثوليكيّة والكنيسة الأرثوذكسيّة إذ أوجدت أساساً لاهوتيّاً (base doctrinale) لحلّ إيجابيّ للمسألة يستند إلى عقيدة (doctrine) الكنائس الشقيقة”، ويفهم من قول قداسته هذا أنّه يوافق على أنّ الكنيستين شقيقتان بالمعنى اللاهوتيّ.
- إنّ اتّفاق البلمند بدأ يتفكّك مؤخّراً كما قال غبطة البطريرك أغناطيوس الرابع في استقبال قداسة البابا. فدائرة تعليم الإيمان في الفاتيكان (Congrégation pour la doctrine de la foi) رفضت في بيانـها الصادر في 30 حزيران 2000 أن تعتبر أنّ الكنيسة الكاثوليكيّة شقيقة لأيّة كنيسة مكانيّة أو أيّة مجموعة من الكنائس لأنّ ذلك مغاير لوحدانيّة كنيسة المسيح. وإنّه يجب استبعاد استعمال عبارة “كنيستينا” إذا أريد بـها الكنيسة الكاثوليكيّة ومجموع الكنيسة الأرثوذكسيّة أو إحدى كنائسها لأنّ هذه العبارة هي مصدر التباس وتشويش!! واعتبرت دائرة تعليم الإيمان أنّ عبارة “الكنائس الشقيقة” تطبّق فقط على الكنائس المكانيّة في علاقتها مع بعضها البعض، وليس على الكنيسة الكاثوليكيّة في علاقاتـها مع أيّة كنيسة أخرى. وإنّي أرى أنّ قداسة البابا وافق على هذا المفهوم في كلمته في الكاتدرائيّة المريميّة في دمشق إذ تحاشى استعمال عبارة “كنيستينا” أو عبارة “كنائس شقيقة” في إشارته إلى الكنيستين الأرثوذكسيّة والكاثوليكيّة وحصر استعمالها بالكنائس المكانيّة فقط.
وقد أدّت هذه المواقف إلى تعثّر الحوار اللاهوتيّ حول الاتّحاديّة في اجتماع اللجنة الدوليّة المختلطة للحوار في بالتيمور في تمّوز الماضي. إلا أنّ الكنيستين سوف تتابعان الحوار على ضوء المستجدّات في الموقف الكاثوليكيّ. فلا بأس إذا تراجعت الكنيسة الكاثوليكيّة عن مفهوم الكنائس الشقيقة إذا حافظت على شجب الاتّحاديّة كأسلوب ونموذج للوحدة ونبذ الاقتناص.
- أما في بلادنا فقد اتّخذ صاحب الغبطة بطريركنا مبادرة تـهدف إلى تنقية الأجواء المسيحيّة في المدى الأنطاكيّ. فقد قام برفقة السيّدين جاورجيوس مطران الجبل وإلياس مطران بيروت بزيارة بطاركة الكنائس الكاثوليكيّة المجتمعين في بزمّار في الخامس من أيلول 1995، ودعا إلى حلّ بعض المسائل التي تعكّر جوّ العلاقات بين الكنيستين كالزيجات المختلطة والمناولة في المدارس الكاثوليكيّة وبرامج التعليم المسيحيّ. وتبع ذلك اجتماع بطاركة الشرق الكاثوليك وبطاركة الأرثوذكس والسريان الأرثوذكس والأرمن الأرثوذكس في تشرين الأوّل 1996 وأقرّ الاجتماع اتّفاقاً حول الأمور المذكورة نشر في حينه، ولا أعلم إذا كان قد صار تطبيقه فعلاً على أرض الواقع لأنّ السادة البطاركة المجتمعين تركوا للمجامع المعنيّة تنفيذ القرارات.
إلاّ أنّ من المهمّ أنّ البيان المشترك رفض مشاركة الأرثوذكس والكاثوليك في الأسرار المقدّسة معلناً أنّ “مثل هذه المشاركة لا تقبلها الكنيستان لاسيّما أنّ الإفخارستيّا هي كمال الشركة”.
- أخيراً لا بدّ من ذكر الوثيقة الإيمانيّة التي وقّعها في تمّوز 1995 معظم مطارنة الروم الكاثوليك وقد جاء فيها:
- إنّي أؤمن بكلّ ما تعلّمه الأرثوذكسيّة الشرقيّة.
- إنّي على شركة مع أسقف روما ضمن حدود المعترف بـها للأوّل بين الأساقفة من قبل آباء الشرق القدّيسين خلال الألفيّة الأولى وقبل الانشقاق.
وكان من المنتظر أن يلي تلك الوثيقة الإيمانيّة حوار بين كنيستَيّ الروم الكاثوليك والروم الأرثوذكس، إلاّ أنّه بدا وكأنّ الحوار لن يكون مجدياً نظراً لارتباط الموضوع بما ستبحثه اللجنة الدوليّة المختلطة للحوار الكاثوليكيّ الأرثوذكسيّ.
غير أنّ قداسة البابا في كلمته في دمشق قال إنّه يحثّ جميع المعنيّين بـهذه الوحدة أن يتابعوا البحث بشجاعة وحذر، وأنّ السعي إلى الوحدة بين بطريركيّتَـيّ الروم الأرثوذكس والروم الكاثوليك الأنطاكيّتَيـن يندرج في إطار الحوار الأوسع بين الكنيسة الكاثوليكيّة والكنيسة الأرثوذكسيّة.
ولـمّا كنت قد دعيت لأتكلّم في هذا الاجتماع بمتقضى إيماني، فإنّي أرجو أن يوضّح السادة المطارنة الكاثوليك موقّعو الوثيقة الإيمانيّة ماذا عنوا ببندَيها. هل يعتبرون المجامع التي عقدت في الغرب بعد الانشقاق مجامع مسكونيّة تلزمهم تحديداتـها العقائديّة، وما هو موقفهم ممّا أقرّته الكنيسة الكاثوليكيّة الرومانيّة من عقائد بعد الانشقاق. ثمّ هل يعتبرون أنّ أساقفة الشرق قبل الانشقاق كانوا يؤمنون بما جاء في رسالة البابا الحالي “ليكونوا واحداً” من “أنّ أسقف روما هو المبدأ والأساس للوحدة المنظورة وأنّ شركة الكنائس المكانيّة مع كنيسة روما وشركة أساقفتها مع أسقفها هما شرط أساس، حسب الإرادة الإلهيّة، للشركة التامّة المنظورة”.
ليس من الضروري في نظري أن تعطى هذه الإيضاحات في حوار رسميّ بين الكنيستين الأنطاكيّتين، بل يكفي أن تكون موضوع بحث في لجان غير رسميّة أو حتّى أن تكون موضوع دراسات تنشر كمساهمة في الحوار اللاهوتيّ الجامع بين الكنيسة الرومانيّة الكاثوليكيّة والكنيسة الأرثوذكسيّة. وقد يساعد هذا التوضيح في نجاح ما تعطّل من هذا الحوار إذ يحدّد السادة المطارنة موقع كنيستهم من كنيسة روما والكنيسة الأرثوذكسيّة.
أيّها الأحبّة،
من يدري؟ قد تكون لأنطاكية مساهمة جديدة في تقارب الكنائس المسيحيّة. إلاّ أنّ طريق الوحدة المسيحيّة لا بدّ من أن تكون طريق الصراحة والصدق والمحبّة بلا رياء. ونأسف أن يكون بعض الكهنة الكاثوليك، عن جهل لاتّفاق بطاركة المدى الأنطاكيّ السنة 1996 ولبيان دائرة تعليم الإيمان في الفاتيكان، يوهمون بعض أبناء كنيستنا بأنّ الوحدة قد تـمّت بيننا. ويدعونـهم إلى تناول الأسرار الإلهيّة في كنائسهم. وقد شكا غبطة أبينا البطريرك من هذا الوضع في كلمته في دمشق إذ قال:
“نحن أنفسنا هنا منزعجون من ممارسات فظّة للضيافة الإفخارستيّة التي نشعر بأنّـها ليست سوى اقتناص مقنّع (prosélytisme Lavré)، وأضاف غبطته: “يجب أن تبرز مبادرات شجاعة ونبويّة لتطويق وضع يهدّد بالتفاقم… إنّنا نتمنّى ألا يعيق حجر العثرة هذا مواصلة الحوار بين كنائسنا”.
ألا وقّانا الله الوقوع في أخطاء الماضي فنعطّل ما بنته المحبّة والصبر وطول الأناة والتواصل والصلاة. فالغيرة بلا معرفة عدوّة الوحدة، وعلينا جميعاً، إكليروساً وعلمانيّين، كأمناء على وديعة الإيمان الرسوليّ، أن نعمّق حياتنا في الكنيسة حتّى لا نكون “أطفالاً تتقاذفهم أمواج المذاهب، ويعبث بـهم كلّ ريح تعليم” (أفسس 4: 12)، وعلينا أن “نتناسى ما هو وراء ونمتدّ إلى الأمام” بالرجاء والمحبّة. إلى أن “نبلغ وحدة الإيمان ومعرفة مجد الله الذي لا يُدنى منه”، والسلام.
مجلة النور العدد الخامس 2001، ص 16-21.