إلى السماء: الحبيب ألبير لحام

الشماس اسبيرو جبور Wednesday September 11, 2013 327

( المرثاة كتبها الشماس اسبيرو جبور في انتقال المرحوم ألبير لحام الى الاخدار السماوية)

‎في 10 ايلول 2013 غادرنا إلى السماء ركن الأرثوذكسية الكبير الأستاذ الحبيب ألبير لحام .أحبه الله فأخذه كما تقول حكمة سليمان. رثا حافظ إبراهيم سعد زغلول فقال :دهت مصر دهياء فقلت ويحكم هل مات سعدٌ وانطوى ذو العلم؟
انطوى ذو العلم على الأرض لكنه لم يُطوَ في الأخدار السماوية بل سيبقى مستنيراً مشعاً في ملكوت الآب.
ولد الحبيب ألبير لحام يوم الثلاثاء في 22 نيسان 1924 في باريس درس الحقوق وصار محامياً لامعاً وشهرته في المحاماة معروفة. ومع ذلك فقد كان متواضعاً كطفل. كان يلهب مشاعر الأرثوذكس في خطبه . هو الركن الأساسي في النهضة الأرثوذكسية.
وفي العام 1941 كانت الكنيسة الأرثوذكسية في العالم كله قد أنحنت إلى الأرض بفعل مؤامرة كونية عليها لتغييبها وتفتيتها، والقصة تستغرق المجلدات. و إذا بالمثلث الرحمة الأب الياس مرقس الطاهر في السنة الأخيرة في مدرسة الحقوق في بيروت يهتم بالكنيسة ليريح ويرسل رسالة ميسورة في 15 تموز 1940 إلى صديقه جبرائيل سعادة ويقترح فيها عليه تأسيس ما أسماه (التقويم الأرثوذكسي).
وبعد ثلاثة أيام في 18 تموز أرسل الأب جورج خضر رسالته الشهيرة إلى صديقه الغالي فقيدنا ألبير لحام .
وفي 16 آذار عام 1942 أبرز جورج خضر و ألبير لحام إلى الوجود الحركة الأرثوذكسية وامتدت إلى اللاذقية و أرجاء الكرسي الأنطاكي فكانت ثورة ٌ روحية في بحرٍ متجلد ٍ أنهكته الصراعات الداخلية التي ارتكبتها السياسة الاستعمارية. والتف الشباب والصبايا حولهم. ولكن الحروب أخذت تشن عليهم لتمزيق الكرسي الأنطاكي. وكنا في منتصف العمر لا خبرة لنا في السياسة الدولية، وكان الكرسي الانطاكي فارغاً لاهوتياً وروحياً فلا وعظ يذكر ولا تعليم ولكن بقي الأرثوذكس متعصبين للطائفة فلم تستطع السياسة الدولية أن تبتلعهم مئة في المئة. القصة تستغرق مجلدات .
وكانت طرابلس بلا مطران وبيروت في المريخ، المنازعات الداخلية أرهقت كيانها .
فحلَّ جورج خضر في طرابلس وبقي ألبير لحام ركننا في بيروت. وكانت بيروت في الأربعينات قمراً في الشرق الأوسط وكان يجب أن تلمع الحركة فيها ولكن التخدير الدولي والاجتماعي جعلها ضعيفة روحياً .
تحمس الشباب و الصبايا حيناً ولكن تحمسهم كان مؤقتاً، ودخلوا في منازعات. واندس على الحركة ما اندس. فضعفت الحركة في بيروت وسافر جورج خضر في خريف 1947 إلى باريس لدراسة اللاهوت. وتجشم ألبير لحام وأخوه الدكتور إدوار لحام الصعوبات للإبقاء على حيوية الحركة حتى عادت إليهما الأمانة العامة. ولكن الضعف والهزال أخذ يدب في جسم الحركة في بيروت فحضرتُ اجتماعاً عاماً في العام 1954 وألقيتُ خطاباً نارياً فلاحظت البرودة في الحضور ولكن جورج ناصيف الريس، رحمه الله، أخذ يشن حملة إصلاحية في بيروت ووقف ألبير لحام إلى جانبه .
وإذا بمخططٍ خارجيٍ يبرز إلى الوجود لبلبلة الطائفة والقيام بها بحملةٍ مشابهة لحملة القرن التاسع عشر التي أدت إلى طرد غريغوريوس اليوناني من الكرسي الأنطاكي، والآن لتنظيم الأمور بصورةٍ يعود معها باسيليوس سماحة قطباً لامعاً يرتفع إلى السدة البطرياركية.
وظهرت فكرة المؤتمر الأرثوذكسي وأنشأ بعضهم أنظمة ٌ خاليةً من كل عبارة ٍ دينية وهي أنظمةٌ مدنيةٌ صرفة، ولكن سكرتير المؤتمر المرحوم إبراهيم الدوماني تنبه إلى إعتراضات ألبير واسبيرو وطلب منا أن نبدي اعتراضاتنا، وتأجل المؤتمر من تشرين الأول 1955 إلى 1955 تحت مطرقتنا .
وانعقد المؤتمر والحضور غائب فعلاً ومستعد للتوقيع على الأنظمة بدون نقاش. ولكن برز ألبير أسداً يعترض على المادة الثالثة فنقم عليه البطريرك ألكسندر الطحان وفرض عليه الجلوس والسكوت .
وأتى طرح المادة السابعة، فكلف ألبير أسبيرو أن يعترض فقام اسبيرو فقامت قيامة البطريرك ليجلس اسبيرو ويسكت. ورفض اسبيرو أن يجلس، فقام الصراخ والغضب ورفعت الجلسة. وطمأن اسبيرو الحضور وعادت الجلسة بعد الظهر. تسلم ألبير زمام المعركة وكنت انا من ورائه فأكره المؤتمرين على مناقشة الأنظمة مادةً مادة، ودخلت تحسينات معينة. ولكن ألبير واسبيرو كانا يحلمان بأنظمةٍ شاملةٍ وذات طابع لاهوتي، وكان اسبيرو صباحاً قد منع سائق سماحة من توزيع كراسة عن أمجاده في موسكو. وأخذ ألبير يبرز في الساحة كعنصر إنقلابي .
وفي عام 1958 رقد البطريرك وحل في السدة البطريركية قائم مقام بطريركي مطران طرابلس ثيودوسيوس أبو رجيلي. وكانت الحرب اليونانية الأهلية قد نشبت وتأخر الانتخاب إلى 14 تشرين الثاني، فضم مطران حلب الياس معوض إلى لائحته المطران ثيودوسيوس ليسد الفراغ مع أن ثيودوسيوس كان من الكتلة الأخرى. وفاز ثيودوسيوس بمشيئة الله العظيمة وهلل ألبير لحام.
وبدأ الكرسي الإنطاكي مرحلة جديدة مضطربة لأن ثيودوسيوس رشح سماحة لطرابلس. وعندها دخلنا في معركةٍ قاسيةٍ جداً لعب فيها ألبير لحام دوراً حاسماً. وتدخل الرئيس فؤاد شهاب واعترض على ترشيح سماحة ، والرئيس فؤاد شهاب قائد عسكري شديد المراس. وانقلب ثيودوسيوس على أصحابه ليحارب الفساد، وما كان لديه مخططٌ سوى منع سماحة من اعتلاء كرسي طرابلس. ولكنه مد يده إلى الأستاذ ألبير لحام فاختلى به ثلاث مرات في فندق في شتورة. كان يأتي من دمشق إلى شتورة ليختلي بألبير لحام. (وكان الشهيد البطريرك الياس معوض مطراناً لحلب، وكان يزور لبنان مراراً في السنة وذلك في رأس القائمة للقاء فقيدنا الغالي ألبير لحام، وكانت تربطه مودة خاصة أيضاً بأخيه الدكتور إدوار لحام (.
قاد ألبير لحام المعركة بنجاح مدعوماً من الرئيس فؤاد شهاب. ونجح البطريرك ثيودوسيوس وألبير لحام بمعونة الرئيس فؤاد شهاب في إبعاد سماحة عن طرابلس، ولكن المجمع اختاره رغم أنف البطريرك في حوران وجبل العرب. ولم يسكت ثيودوسيوس عن هذا الأمر فوقعت مشادات وهاجم أناسٌ مجهولو الهوية الصرح البطريركي في 25 و 26 شباط والبطريرك ثيودوسيوس. وتدخلت الدولة في 27 شباط ومنعت الفلول من الوصول إلى الصرح البطريركي .
وكان المرحوم جورج نقولا الخوري الدمشقي قد عرض يوم انتقال سماحة 10 شباط في العام 1962 على ألبير لحام أن يقيم دعوى في مجلس الدولة السورية، فقال اسبيرو لألبير أنا مستعد أن أقيمها. وتطارحنا الأمور مع جورج خوري فشعرت أنا أن الاتكال على الإكليريكين مستحيل، فأعلمتهم أني سأقيمها باسمي الشخصي. وكنت في 27 شباط قد راجعت كتاب الأستاذ الفرنسي فاليين في شأن حقي بإقامة الدعوى، وأقمتها في 11/4/1962 وانهارت معنويات سماحة ودخلت المعركة قوساً جديداً من المشدات .
الرئيس فؤاد شهاب دعمني لدى الرئيس ناظم القدسي. وكان خالد العظم يدعم سماحة. وانتهت الأمور بقرار وسطي أعطتني فيه المحكمة حق إقامة الدعوى باسمي (أي اعترفت بحقي في إقامة الدعوى).
وتبلبلت الأمور واضطررنا إلى إقامة دعوى ثانية إلى المطران انطونيوس بشير في 23 حزيران 1964، وأنهكنا الكرسي الأنطاكي بالصراعات الحقوقية. فاتفقت سراً مع البطريرك ثيودوسيوس على التوقف عن دعوة المجمع داخل الكرسي الأنطاكي في دوارٍ دوخ الخصوم.
كان ألبير النجم الألمع في الكرسي الأنطاكي والعمود الراسخ والسند الكبير للبطريرك ثيودوسيوس، فضمن له مساندة اسبيرو والمرحوم موريس حداد ثم انضم إلينا كثيرون .
واستمر الصراع حامياً حتى العام 1967 بقيادة الحبيب ألبير لحام، ونصرَنا الله في اللاذقية. وكان البطريرك الخالد قد عين الأب يوحنا منصور معتمداً بطريركياً في 26 نيسان 1966. وحل الله وملائكته في اللاذقية للانتصار على قوى عالمية هي أقوى منا بآلاف المرات ، كيف تم النصر؟ الله وحده يعلم ذلك ، وكيف خرجنا من الجحيم منتصرين الله؟ يعلم ذلك .
وفوجئنا في العام 1967 بمشاريع دولية ومحلية مختلفة لتمزيق الكرسي الأنطاكي. ووفدت إلى لبنان في 1 شباط 1968 فوجدت الأمور مبلبلة بعد فشل جورج خضر في زحلة بلعبة دولية. فأوضحت للحبيب ألبير الأصابع التي وقفت وراء البلبلة والخسران .
واضطر المطران الياس معوض أن يسحب اسم جورج خضر ويطرح اسم سيدنا اسبيردون خوري. ودخلنا هنا في معارك لا ينجح في خوضها سوى الملائكة. وكان ألبير واسبيرو قد تسلما دفة الأمور ووقف إلى جانبنا المغبوط بولس إسعيد سكرتير ألبير لحام. وتم الاتفاق على ترشيح الياس معوض للبطريركية بدلاً من ترشيح ملاتيوس صويتي مطران الأرجنتين .
وأخذت الأمور تدور في فراغ هائل أرهقنا. ولكن ألبير هو سيد الساحة. واجتمع المطران معوض والبير واسبيرو وتفاهموا على سير الأمور، ولكن أوضاع المطران معوض كانت صعبة جداً.
وبعد خروج الروح من الجسد، كما تقول العامة، نجحنا في 7 تشرين الأول1969 في انتخاب المغبوط الكسي عبد الكريم الحمصي وكوستا ستيفانو لبغداد والكويت والأسقف اثناسيوس سكاف لحماه. وهنا دارت معركة قاسية جداً وكان النصر فيها حليف البطريرك ثيودوسيوس.
واصطدمنا بالحكم السوري القائم آنذاك. واتصل البطريرك ثيودوسيوس بالبطريرك أثيناغوراس القسطنطيني، واتصل هذا بمكاريوس رئيس أساقفة قبرص، واتصل مكاريوس بالرئيس عبد الناصر ووضع ثقله في المعركة فانتصرنا. وتسلم ألكسي حمص وتسلم كوستا بغداد .
في هذه الصراعات الدولية المحلية التي أرهقت أعصابنا ما كان يمكن أن يكون مصير الكرسي الأنطاكي لولا ألبير لحام؟ هذا ما يعلمه الله. وفي رأيي أن البطريرك ثيودوسيوس وألبير لحام أنقذا الكرسي الأنطاكي من التفتت والذوبان واستلام سماحة السدة البطريركية .
كل شيٍ كان معداُ إعداداً حسناً لهذا الغرض، أي لاستلام سماحة الصرح البطريركي. وتدفقت الأموال كنهرٍ جارف تفسد الضمائر في كل مكان، ولكن عجزت الدنيا عن شراء الأب جورج خضر وألبير واسبيرو.
وألهمت معركة اللاذقية الناس في سورية لصالحنا. وتحرك لبنان بتدخل الرئيس شارل الحلو. ولكن معركة زحلة الفاشلة قلبت الأمور رأساً على عقب لأن التدخلات الأجنبية، وبصراحة الصهيونية العالمية، ضد جورج خضر خربطت الأمور فلذلك خسرنا كثيراً من التأييد الشعبي في لبنان .
أما نجاحنا في حمص وحماه وبغداد فلقد ألمع صورتنا بنسبة جيدة. وهكذا انتصر ألبير ومعوض في المجمع المقدس بزعامة البطريرك الخالد ثيودوسيوس ابو رجيلي. والموضوع يستغرق مجلدات عديدة. عملاء إسرائيل العلنيون والسرّيون أرهقوا قوانا واستنزفونا. الله له المجد هو الذي أنقذ الكرسي الإنطاكي من الاندثار. فكان ألبير لحام رجل الله الكبير. وفي 7 شباط 1970 دخل المجمع المقدس الأب جورج خضر مطراناً لجبل لبنان في أجواء من الجحيم، إذ شنت إسرائيل واليهودية العالمية علينا حرباً شعواء قاسية جداً جداً، ما أخرجنا الله منها إلا بصعوبات جمة جداً. وتم انتخاب الياس معوض قائم مقام بطريركياً في 19 أيلول 1970 بعد صعود روح البطريرك ثيودوسيوس الى السماء. وفي 25 أيلول تم انتخابه بطريركياً ولكن الحرب اللبنانية أبعدت الحبيب ألبير إلى أوروبا .
ما انقطعت عن الاتصال به لأني أعرف أنه ركنٌ أساسيٌ في الكرسي الأنطاكي. وأخيراً عاد إلينا وصحته ليست على ما يرام. والتقينا مراراً ولكن ما العمل، كان قلبي يتفتت عند رؤيته شيخاً يقترب من النهاية .
وأخيراً أخذه الله وما علينا إلا أن نقبل هذا التدبير الإلهي ونرفع الصلوات إلى الله لكي يقبل ألبير في مواكب أبراره وصديقيه. سبقه إلى الأخدار السماوية البطريركان الخالدان ثيودوسيوس أبو رجيلي والياس معوض، وسبقه دعامتنا الكبرى المرحوم موريس حداد والمطران ألكسي عبد الكريم والمطران بولس بندلي، الشاهدان الكبيران في ملكوت الله .
وفقنا الله بمطارنة جيدين منهم المغبوطان ألكسي عبد الكريم وبولس بندلي وأصحاب السيادة المطارنة قسطنطين باباستيفانوس و فيليبس صليبا ويوحنا منصور والياس عودة وسابا إسبر وبولس يازجي وسلوان موسي وباسيلوس منصور وسواهم. وانتهى الأمر إلى صاحب الغبطة الجليل مولانا الكبير البطريرك يوحنا يازجي الذي كان الحبيب ألبير لحام، قبل أشهر من انتخابه، قد أعلمني بأنه سيصبح بطريركا. وتحققت رغبته بفضل الروح القدس، له المجد، الذي اختار يوحنا بطريركاً يحيي رميم العظام ويعيد إلينا التقوى والعمق الليتورجي والروحي واللاهوتي .
ولذلك فصداقة البطريرك الجليل يوحنا والمغبوط ألبير لحام تبقى في قلوب محبيهم راسخة.
منذ العام 1960 أو 1961 أصبح ألبير لحام دينامو الكرسي الأنطاكي، من دون أن أنكر أهمية الناس الذين انضموا إلينا. ولكن ألبير لحام، لما استمرت المعركة، كان دينمو من أبرز الذين انضموا إلينا، بعد المغبوط جورج خوري والمغبوط موريس حداد ثم المغبوطة دلال حداد الصايغ زوجة الشهيد الطوباوي الألمعي يوسف الصايغ. وفي النهاية انضم إلينا الشعب بنسبةٍ كبيرة. أما الآن فصاحب الغبطة الجليل يوحنا يجلس على السدة البطريركية وحوله مجمعٌ مساندٌ يهون عليه كثيراً في نهضة لاهوتية روحية ليتورجية، وهو يتمتع اليوم باحترام كبير في الوطن والمهاجر وما الترحيب به في دمشق وفي اللاذقية، حينما زارها في تموز، سوى دليلٍ قاطعٍ على التفاف الشعب حوله .
قال لي مشاهدون باستقباله في اللاذقية إن الأولاد كانوا كثيرين في الشوارع التي غصت بالناس وإن مرضعات كن يحملن الرضع في الموكب بالرغم من الحر الشديد في تموز والرطوبة أيضاً.
الحبيب ألبير لحام أعلن القوة الدافعة للكرسي الأنطاكي التي أدت بنا إلى هذه الأيام التي ننمو فيها لمجمع يبيض الوجوه. وستشهد السنوات القادمة نشاطاً ليتورجياً لاهوتياً كبيراً.
قيل لي إن قداسة البابا فرنسيس الأول قال إننا مدينون للكنيسة الأرثوذكسية بالمحافظة على الليتوروجية القديمة والروحانية القديمة. هذه الشهادة ذهبية. ولذلك علينا أن نثبت أننا فعلاً أهل الليتورجية والروحانية. والمطلوب من الأرثوذكسيين في الكرسي الأنطاكي وطناً ومهجراً أن يرتفعوا سوية إلى ليتورجية روحية لاهوتية تليق بالمقام. لكن الأمر يحتاج إلى شباب وصبايا يقتحمون الصعاب ويبذلون الذات ويريدون أن يكونوا شهداء أحياء. من أين نأتي بهم والرخاوة مستفحلة والميوعة قاتلة؟
الروح القدس الذي قاد ألبير وصحبه منذ العام 1941/1942 إلى هذا الزمان هو الذي سيتمم رغبات ألبير في لحظة قوية تزيل الرخاوة والميوعة والكسل والإهمال وتلهب الأطفال والشباب والصبايا بنارٍ إلهية ليخوضوا معركة الحياة بشرفٍ ونبل عظيمين. ألا رحم الله ألبير لحام ووالديه وأجداده وأخته نادين بمراحمه الإلهية التي لا تعد ولا توصف وعزّى قلوب أهله ومحبيه وصحبه عن فقده .
ألبير مع الخالدين بتاريخ الكرسي الإنطاكي المجيد. والكرسي الإنطاكي ذو تاريخ عظيم جداً وبخاصة في القرون الخامس والسادس والسابع والثامن الميلادية حيث برز الكرسي الإنطاكي قوة مسيحية عالمية جدا وأخرج الأديار والعامودين اللاهوتين والمرنمين والشعراء من مثل رومانس الحمصي ويوحنا الذهبي الفم وكوزما وصفرونيوس واندراوس في الشعر والإنشاء الديني .
أليست درر التاج الأنطاكي، بل التاج الأرثوذكسي العالمي؟ من في العالم الأرثوذكسي لا يتهلل في عيد الفصح عند سماع التراتيل التي نظمها القديس يوحنا الدمشقي، ومن لا يتهلل في يوم عيد الميلاد عند سماع أناشيد جميلة، وهكذا في عيد الظهور الإلهي ورفع الصليب وعيد رقاد العذراء وأناشيد كوزما في عيد دخول السيد إلى الهيكل؟ إن تأهبنا لانطلاقة جبارة فهي ثمرة يانعة من ثمار جهاد فقيدنا الغالي ألبير لحام. ألا جعل الله ألبير لحام في مواكب الرسل والشهداء والقديسين. سيبقى ذكره خالداً في السماء وعلى الأرض .
لن يكتب مؤرخو تاريخ القرن العشرين في الكرسي الإنطاكي من دون وضع اسم البير لحام في المقدمة. اسمه مرتبط باسم البطريرك الخالد ثيودوسيوس ابو رجيلي. ثيودوسيوس والبير أنقذا الكرسي الأنطاكي. ألا جعل موضعهما مع الرسل والملائكة والقديسين ورحمهما الله رحمة واسعة ورحم الذين سبقوهما بالجهاد الروحي والكنسي .
أيها الثالوث القدوس تقبل ألبير لحام في أحضانك الإلهية .
11 أيلول 2013 .
الشماس اسبيرو جبور
هيهات أن يأتي الزمان بمثله، إن الزمان بمثله لبخيل !
استدراك:
ذكرت جورج الريس في العام 1955، الصحيح 1953 أو 1954.
حاشية:
بالروح القدس أدار سيدنا الحبيب المطران سابا اسبر عملية انتخاب مولانا البطريرك يوحنا العاشر يوحنا يازجي ، فتحققت رغبة الفقيد الغالي ألبير لحام .
والآن ألبير موجود في حضرة الله يشفع فينا لنكون أمناء أوفياء للأمانة الإلهية التي وضعها الرب يسوع في أعناقنا، له المجد والإكرام والسجود إلى أبد الآبدين أمين .‎”

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share