ترهبّ القدّيسان في إسقيط مصر، كانا أبًا وابنه وأبرزهما كان زكريا. نُقَل عن هذا الأخير أنّه كان جميل الطلعة، حسن الصورة جدًّا فعثَر به الرّهبان. وبعدما غيّر موضع نسكه وأبيه عدّة مرات دون أن ينجح في رفع سجس الرهبان بشأنه، ألقى بنفسه في غدير ماء معدني حتّى تشوّه بدنه وتغيّرت ملامحه. فلمّا عاد إلى أبيه لم يتعرّفه إلّا بصعوبة. وقد قال عنه إيسيذورس الكاهن لمّا رآه على هذه الصورة: إنّ زكريا الصبيّ جاءَنا في الأحد الماضي كإنسان، أمّا الآن فيأتينا كملاك!.
ومرّة، عاين زكريا رؤيا من الله فلمّا أطلع أباه عليها قال له: “هذه الرؤيا من الشياطين!”. ولكن بعدما فكّر أبوه في الأمر طويلًا قال له: “امضِ إلى أنبا بيمين وافعل بما أوصيك به”. فلمّا جاء إليه بادره الشيخ بالقول: “إنّ الرؤيا هي من الله، ولكن امضِ واخضع لأبيك!”.
قال أنبا قاريون عن ابنه: “إنّي بذلت أتعابًا كثيرة بجسدي لكنّي لم أصل إلى رُتبة ابني زكريا في اتّزان العقل والسكون. ولمّا حضرت ساعة وفاة زكريا سأله القدّيس موسى الأسود: أية فضيلة هي الأعظم يابنيّ؟ فأجاب: على ما أراه يا أبتاه، ليس شيء أفضل من الصمت.