حاضر في هذا اللقاء الأمين العام السابق للحركة ولمجلس كنائس الشرق الأوسط الأستاذ كابي حبيب الذي أكـّد في مستهلّ كلمته أنّ هذا الاجتماع هو برهان على “أنّ الحركة المسكونيّة ليست فقط مهمّة القيادات الكنسيّة ، بل هي أيضاً قضيّة القاعدة الشعبيّة ، ولاسيّما الشبيبة الأرثوذكسيّة ، والمسيحيّة بصورة عامة. ونوّه بدور الشبيبة في الكنيسة الأرثوذكسية الأنطاكيّة في تأسيس مجلس الكنائس العالمي عام 1948 ، حيث كان جورج خضر (وهو علمانيّ في الخامسة والعشرين من العمر آنذاك ) أحد المندوبين عنها في الجمعيّة العموميّة التأسيسيّة له ، و بالدور البنّاء الذي لعبته هذه الكنيسة من خلال تنسيق آراء الكنائس الأرثوذكسية الأخرى المتعلـّقة بأهداف المجلس وبرامجه. كما أشار الى أنّ العلاقات التي قامت بها حركة الشبيبة الأرثوذكسية مع الشبيبة والطلبة الكاثوليك والإنجيليين في لبنان أثمرت في تأسيس المكتب المسكوني للشبيبة والطلبة في الشرق الأوسط ، الذي تولـّى هو مسؤوليته شخصياً .
الى ذلك عقد هذا المكتب عام 1964 مؤتمراً في برمّانا تمّ بنهايته إحياء فكرة إنشاء مجلس لكنائس الشرق الأوسط الذي أبصر النور عام 1974 ، بعد مفاوضات بدأت عام 1965 بين ممثلي الكنائس الأرثوذكسية ” الخلقيدونيّة ” و ” غير الخلقيدونيّة ” من جهة ، وممثلي الكنائس الإنجيليّة من جهة أخرى ، تولـّى خلالها السيّد حبيب أيضاً أمانة السرّ الأرثوذكسية ، وكان سيادة المتروبوليت أغناطيوس هزيم ، الذي أصبح فيما بعد بطريرك الكرسي الأنطاكي ، في طليعة المفاوضين ، فتولـّى إلقاء كلمة الافتتاح في الجمعيّة العامة التأسيسيّة للمجلس.
وبعدما أوضح السيّد حبيب أنّ المجلسان العالمي والشرق أوسطي شكـّلا مصدر غنى ودعم للكنيسة الأرثوذكسية الأنطاكيّة في شهادتها وخدمتها المحليّة ، شدّد على ضرورة عدم التغاضي عن الضعف الذي يعاني منه مجلس كنائس الشرق الأوسط اليوم على جميع الأصعدة ، داعياً إلى تجديد الالتزام المسكوني بالمسعى الوحدوي والتعاون بين الكنائس رغم الصعوبات التي تواجهها ، مهما تبدّلت البرامج والمجالس المسكونيّة ، لأن المسيح ” هو هو أمس واليوم وإلى الأبد “، وهو يريدنا أن نكون واحداً في جسده ؛ على أن يُترجَم هذا الالتزام حركةً مسكونيّة قائمة على المحبة التي تـُخرجنا من ظنوننا و خطايانا، من دون مساومة على الحقيقة الإلهيّة ، أو ازدواجيّة بين الخطاب والممارسة . وأشار الى أنّ المسيحيين معرّضون اليوم لضغوط بهدف إخراجهم من منطقة الشرق الأوسط ، لذا عليهم أن يشهدوا للمصالحة والحوار بين الأديان السماويّة بهدف العيش المشترك على أساس الاحترام المتبادل والحرّية والمساواة بين المواطنين .
وفي ردّ على أسئلة المشاركين أيّد السيّد حبيب دعوة رؤساء الكنائس مجدداً إلى توحيد تاريخ التعييد للفصح المجيد كرمز للشهادة الموحَّدة ، خاصةً في هذا المشرق ، ودعا إلى إنشاء مركز للتدريب المسكوني يلتقي فيه شبيبة من مختلف الحركات المسيحيّة مع طلاب من مختلف معاهد اللاهوت ، ليعيشوا مع بعضهم البعض ، ويتلقوا محاضرات مسكونيّة .
وختم حديثه مستشهداً بقداسة البابا شنوده الثالث الذي قال خلال زيارته للبنان في أوائل السبعينات :” إنّ الانشقاقات الأولى في المسيحيّة قد بدأت في هذه المنطقة ، ففيها يجب أن تبدأ الوحدة الحقيقيّة ” .